ساهمت رحلة العقد لاستكشاف البحر الأحمر، برسم صورة عن التنوع الأحيائي في البحر الأحمر، إذ أفصح المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية اليوم عن اكتشاف آثار لكائنات لم تكن يُعرف وجودها بالبحر الأحمر سابقاً، كالقرش الأبيض الذي يُعتبر من القروش المفترسة، والأضخم بين القروش في العالم، والعثور على حيتان البريدي Bryde’s Whale مع صغارها.
وفي هذا السياق؛ أوضح مدير مشروع "رحلة العقد" لاستكشاف البحر الأحمر، عمر أبو نيان، في تصريح لـ"أخبار24" على هامش ندوة "رحلة العقد لاستكشاف البحر الأحمر"، أن الرحلة استمرت 626 يوما، وتم الاستعانة بسفينتين بحريتين، الأولى وطنية والأخرى عالمية، وشارك فيها أكثر من 80 عالماً وباحثاً في مجال البيئة البحرية.
أشار أبو نيان إلى أنه تم خلال الرحلة جمع أكثر من 3 آلاف عينة حيوية، وعينات تربة ومياه، من خلال استخدام الغواصات المأهولة والغواصات المسيرة، والطائرات بدون طيار، والطائرات المروحية، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من التقنيات الأخرى التي ساهمت في استكشاف أعماق البحر الأحمر على طول سواحله.
وأكد أن الهدف الأساسي من المشروع يتمثل في وضع خط الأساس للتنوع الأحيائي وحالة البيئات الموجودة في البحر الأحمر؛ لدعم اتخاذ القرار والتخطيط لحماية هذه البيئات وتنميتها والاستفادة منها.
وعن الاكتشافات التي تمت خلال الرحلة؛ لفت إلى وجود حيتان البريدي Bryde’s Whale مع صغارها في البحر الأحمر، وهذا لم يكن معروف سابقا، حيث كان المعروف أنها تعبر فقط البحر الأحمر ولا تتكاثر فيه، بالإضافة إلى اكتشاف الثقوب الزرقاء، وهي عبارة عن ثقوب داخل جدران بركانية تمتد من قاع البحر إلى ارتفاعات تصل إلى 200 و300 متر، وفيها تنوع أحيائي عجيب كوجود الدلافين مع صغارها داخل تلك الثقوب، الأمر الذي دفع الباحثين للافتراض أن الدلافين تحمي صغارها بداخل الثقوب الزرقاء.
ويواصل مدير مشروع "رحلة العقد" لاستكشاف البحر الأحمر حديثه لـ"أخبار 24"، مبيناً أن الرحلة ساهمت برسم صورة عن التنوع الأحيائي في البحر الأحمر، حيث تم من خلال استخدام التقنيات الحديثة وتحليل الحمض النووي؛ اكتشاف آثار للقرش الأبيض والذي يُعتبر من القروش المفترسة، والأضخم بين القروش في العالم، ولم يكن له تواجد في البحر الأحمر سابقا، بالإضافة إلى وجود البحيرات الملحية وفوهات مداخن في قاع البحر، ورصد كائنات فطرية عليها على الرغم من ارتفاع درجة الحرارة التي تصل لـ70 و80 درجة مئوية، ووجود كائنات حية في بيئة صعبة عديمة الضوء وقليلة الأكسجين.
تجدر الإشارة إلى أن رحلة العقد تمت على متن سفينتَي الأبحاث العالمية "أوشن إكسبلورر"، والوطنية "العزيزي" بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن إضافة إلى مشاريع نيوم وآمالا والبحر الأحمر.
وعملت الرحلة على إجراء أول مسح شامل لمناطق لم يسبق دراستها، تبدأ من منطقة عفيفي جنوب البحر الأحمر حتى خليج العقبة شمالاً مع إنتاج مواد وثائقية وإعلامية عن هذه المناطق، بهدف تقديم تصور واضح عن بيئات البحر الأحمر ودراسة أنواع الثدييات والتنوع الأحيائي والخصائص البيئية، إضافة إلى تقديم خرائط أحيائية للشُّعَب المرجانية والحشائش البحرية والسلاحف البحرية وغيرها من الكائنات التي يزخر بها البحر الأحمر.
وتوصلت الرحلة البحثية إلى عدد من الاكتشافات المهمة، من أبرزها: اكتشاف عدد من الثقوب الزرقاء في جنوب المملكة، وتسجيل 4 أنواع جديدة من المرجان لم تُعرف من قبل في العالم، وكتلة حيوية ضخمة من أسماك Lantern Fish على عمق يصل إلى 1000 متر، إضافة إلى جبل بركاني في مياه الجنوب يزيد ارتفاعه عن 200 متر وعلى عمق 400 متر، إلى جانب العديد من الاكتشافات المذهلة التي سبرت أغوار البحر، وكشفت الكثير من أسراره.