شدد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي على ضرورة التزام إيران بعدم تجاوز نسب تخصيب اليورانيوم التي تتطلبها الاستخدامات السلمية، وضرورة الوفاء بالتزاماتها والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأعرب الوزراء في البيان الختامي للمجلس الوزاري الـ159 لاجتماعات مجلس التعاون الخليجي، عن قلق دول مجلس التعاون من تطورات الملف النووي الإيراني، والتأكيد على استعدادها للتعاون والتعامل بشكل فعال مع هذا الملف، والتأكيد على ضرورة مشاركة دول المجلس في جميع المفاوضات والمباحثات والاجتماعات الإقليمية والدولية بهذا الشأن، وأن تشمل هذه المفاوضات بالإضافة للبرنامج النووي الإيراني كافة القضايا والشواغل الأمنية لدول الخليج العربية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والكروز والطائرات المسيرة، وسلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية، بما يسهم في تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة في إطار احترام سيادة الدول ومبادئ حسن الجوار والالتزام بالقرارات الأممية والشرعية الدولية لضمان تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

وجدد البيان التأكيد على أن حقل الدرة يقع بأكمله في المناطق البحرية لدولة الكويت، وأن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية - الكويتية، بما فيها حقل الدرة بكامله هي ملكية مشتركة بين السعودية والكويت فقط،  ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات الطبيعية في تلك المنطقة، وفقاً لأحكام القانون الدولي واستناداً إلى الاتفاقيات المبرمة والنافذة بينهما، وأكد على رفضه القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بحدودها المعينة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت.

كما شدد المجلس الوزاري على أهمية احترام العراق لسيادة دولة الكويت ووحدة أراضيها، والالتزام بالتعهدات والاتفاقيات الثنائية والدولية وكافة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 833 (1993) بشأن ترسيم الحدود الكويتية – العراقية البرية والبحرية، ودعا المجلس الوزاري العراق إلى العمل الجاد لاستكمال ترسيم الحدود البحرية بين البلدين لما بعد العلامة البحرية 162، كما دعا المجلس الوزاري حكومة العراق إلى الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله الموقعة بين دولة الكويت وجمهورية العراق.

وعبر المجلس الوزاري عن رفضه التام لما تضمنته حيثيات حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق بهذا الشأن، وعن رفضه للمغالطات التاريخية الواردة في حيثيات الحكم، واعتبار أي قرارات أو ممارسات أو أعمال أحادية الجانب تقوم بها جمهورية العراق المتعلقة باتفاقية خور عبدالله باطلة ولاغية، بالإضافة إلى رفضه للإجراء العراقي أحادي الجانب بإلغاء العمل ببروتوكول المبادلة الأمني الموقع عام 2008م وخارطته المعتمدة في الخطة المشتركة لضمان سلامة الملاحة في خور عبدالله الموقعة بين الجانبين بتاريخ 28 ديسمبر 2014م، اللتين تضمنتا آلية واضحة ومحددة للتعديل والإلغاء.

وأشاد المجلس بالشراكة الإيجابية بين مجلس التعاون والعراق، وأكد على المضي قدماً في إنجاز مشروع الربط الكهربائي لربط العراق بشبكة الكهرباء في دول مجلس التعاون، لتحقيق قدر أكبر من التكامل والترابط بين العراق ودول المجلس، بما يحقق مصالحهما المشتركة ويمهد الطريق لمزيد من التعاون في المستقبل.

وفي الشأن اليمني؛ أدان الوزراء المجتمعون في الرياض، استمرار التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لليمن، وتهريب الخبراء العسكريين والأسلحة إلى الميليشيات الحوثية، في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن، مؤكدين ضرورة التطبيق الدقيق لحظر الأسلحة على تلك الميليشيات.

وأعرب المجلس الوزاري عن قلقه البالغ إزاء تطورات الأحداث في منطقة البحر الأحمر، مشدداً على أهمية ضبط النفس وخفض التصعيد وبشكل فوري للمحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر، وتأمين حرية الملاحة البحرية فيها، حفاظاً على مصالح العالم أجمع.

ورحب المجلس الوزاري باستمرار الجهود المخلصة التي تبذلها المملكة وعُمان والاتصالات القائمة مع كافة الأطراف اليمنية لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق حل سياسي شامل ومُستدام في اليمن، وضرورة وقف إطلاق النار، وأهمية انخراط الحوثيين بإيجابية مع الجهود الدولية والأممية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، والتعاطي بجدية مع مبادرات وجهود السلام لتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب اليمني الشقيق.

وفي الشأن الخليجي؛ وافق المجلس على إنشاء لجنة تنسيقية عالية المستوى للصناديق السيادية في دول المجلس ترتبط بالمجلس الوزاري.

ونص البيان الختامي على الاستمرار في تطبيق قرارات المجلس الأعلى، فيما يتعلق باستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي، وتطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في كافة مجالات السوق الخليجية المشتركة.

وأدان المجلس الوزاري استمرار الدعم الأجنبي للجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية في منطقة الشرق الأوسط، التي تهدد الأمن القومي العربي وتزعزع الاستقرار في المنطقة، وتعيق الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب ولا سيما جهود التحالف الدولي لمحاربة داعش، مجدداً تمسكه بمواقفه وقراراته الثابتة تجاه الإرهاب والتطرف أياً كان مصدره، ونبذه كافة أشكاله وصوره، ورفضه لدوافعه ومبرراته، والعمل على تجفيف مصادر تمويله.

وجدد البيان الختامي مواقف دول مجلس التعاون الخليجي الثابتة وقراراته السابقة بشأن إدانة استمرار احتلال إيران للجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التابعة للإمارات العربية المتحدة، معتبراً أن أي قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة ولاغية ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تُجمع على حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث.

فيما أكد المجلس الوزاري أن الأمن المائي لمصر والسودان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ورفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل. وأكد على دعم ومساندة دول مجلس التعاون لكافة المساعي التي من شأنها أن تسهم في حل ملف سد النهضة بما يراعي مصالح كافة الأطراف، كما أكد على ضرورة التوصل لاتفاق بهذا الشأن وفقاً لمبادئ القانون الدولي وما نص عليه البيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021م.

وجدد المجلس تمسكه بمواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة بشأن أهمية الحفاظ على سيادة وأمن السودان واستقراره ووحدة أراضيه، ومساندة السودان في مواجهة تطورات وتداعيات الأزمة الحالية، وضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني الشقيق، والحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة الوطنية، ومنع انهيارها والحيلولة دون أي تدخل خارجي في الشأن السوداني يؤجج الصراع ويهدد السلم والأمن الإقليميين.

وعلى صعيد التطورات الإقليمية؛ أدان اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي العدوان الإسرائيلي على غزة، مؤكداً الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ومطالباً بالوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات العسكرية الإسرائيلية، وضمان توفير وصول كافة المساعدات الإنسانية والإغاثية.

وأعرب الاجتماع الوزاري عن رفضه لأي مبررات وذرائع لاستمرار الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة للرد على ممارسات الحكومة الإسرائيلية وسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها ضد المدنيين.

وشدد البيان الختامي على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فوراً بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسع وآمن بدون عوائق، وتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام لإطلاق النار. وحمل البيان إسرائيل المسؤولية القانونية أمام المجتمع الدولي عن انتهاكاتها واعتداءاتها المستمرة التي طالت المدنيين الأبرياء، وأسفرت عن مقتل آلاف المدنيين في قطاع غزة.

وحثّ البيان المجتمع الدولي على مضاعفة الجهود لحل الصراع، بما يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وفق تلك الأسس، وعلى سرعة إصدار مجلس الأمن قراراً باستكمال الاعتراف الدولي بدولة فلسطين المستقلة، والحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة. 

وأكد المجلس الوزاري في هذا السياق دعمه مبادرة المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية؛ لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط بالتعاون مع جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، مشدداً على أهمية عقد مؤتمر دولي عاجل يجمع الأطراف الدولية ويشمل كافة مكونات الشعب الفلسطيني ويفضي إلى تلبية حقق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

وبشأن الأزمة الأوكرانية الروسية؛ أكد المجلس الوزاري دعمه لجهود الوساطة التي قامت بها دول مجلس التعاون لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ووقف إطلاق النار، وحل الأزمة سياسياً، وتغليب لغة الحوار، وتسوية النزاع من خلال المفاوضات. كما أشاد بنجاح وساطة المملكة العربية السعودية  ودولة الإمارات العربية المتحدة في إطلاق سراح محتجزين وتبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا.

وكان اجتماع المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي قد انطلق صباح اليوم بالرياض، حيث نوّه الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، بأهمية المبادرة التي أطلقتها المملكة في سبتمبر 2023 بالشراكة مع مصر والأردن والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي لإعادة إحياء عملية السلام، والتوصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

وفي قضية أخرى، شدد مجلس التعاون على أن الأمن المائي لمصر والسودان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، رافضاً أي إجراء يمس بحقوقهما في مياه نهر النيل، مشددًا على ضرورة التوصل لاتفاق بشأن ملف سد النهضة.

وجدد دعم دول مجلس التعاون ومساندتها لجميع المساعي التي من شأنها أن تسهم في حل ملف "سد النهضة" الإثيوبي بما يراعي مصالح الأطراف كافة، مشدداً على ضرورة التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن وفقاً لمبادئ القانون الدولي وما نص عليه البيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021.

وخلال اجتماع مجلس التعاون مع الأردن، شدد البديوي على أن المجلس يؤكد مواقفه الثابتة في دعم أمن واستقرار وسيادة الأردن، ودعمه في كافة الإجراءات التي يتخذها في مكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات والأنشطة غير المشروعة الأخرى التي تهدد أمن واستقرار المنطقة وإدانة الاعتداءات المسلحة المتكررة على الحدود الأردنية من قبل الجماعات المسلحة الإرهابية ومهربي المخدرات.

وأكد على أهمية الحوار والشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والمملكة الأردنية والتطلع والرغبة في تعزيز هذه العلاقات وتطويرها في شتى المجالات.

ويعقد المجلس اجتماعات مع وزراء خارجية مصر والأردن والمغرب، كلٍ على حدة، لبحث العديد من القضايا وتعزيز التعاون المشترك.