يُعَدّ قطاع الطاقة مسؤولاً عن أكثر من 75% من انبعاثات الغازات الدفيئة حول العالم، مما يلقي عبئًا ثقيلاً ومسؤولية ضخمة على عاتق جميع الدول؛ لتحويل القطاع ليكون أنظف وأكثر خضرة من خلال القضاء على هذه الانبعاثات، ولا تألو المملكة -ممثلةً في وزارة الطاقة- جهداً في مواصلة العمل على تقليل الانبعاثات، من خلال تطوير منظومتها اتساقاً مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ لعام 2016.
وأكدت دراسة بحثية نشرتها مجلة "Society of Petroleum Engineers" الأمريكية المختصة بمراقبة أسواق النفط، أن المملكة تستهدف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بمقدار 278 مليون طن، ولتحقيق هذا الهدف الطموح؛ اتخذت السعودية إجراءات صارمة؛ من بينها زيادة استخدام الطاقة المتجددة للوصول إلى حوالَيْ 50% من الطاقة بحلول عام 2030، إلى جانب توطين جزء كبير من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة في الاقتصاد السعودي، بما في ذلك البحث والتطوير والتصنيع.
وأشادت المجلة الأمريكية بتركيز المملكة على مبادرة تطوير الطاقة الحرارية الأرضية، حيث بدأت العديد من الهيئات الحكومية المحلية الرئيسية والمؤسسات الأكاديمية وقطاعات الصناعة في الوفاء بدورها المسؤول وفقًا للرؤية، من خلال السعي إلى خفض الاعتماد على الطاقة الحرارية الأرضية في التبريد والتدفئة وتحلية المياه وتوليد الكهرباء بشكل مباشر، واستبدالها بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ونوّهت بتوقيع وزارة الطاقة مذكرة تفاهم مع الجمعية الجيولوجية السعودية (SGS)، للبدء في استكشاف موارد الطاقة الحرارية الأرضية داخل المملكة، إلى جانب الأبحاث القيِّمة التي أجرتها جامعة الملك عبد العزيز في منطقة نيوم، والتي أثبتت توفر الطاقة التي يمكن أن تولدها الطاقة الحرارية الأرضية في المنطقة، فضلاً عن محطات الطاقة الشمسية والمشاريع ذات العلاقة التي بلغ عددها 1200 مشروع قيد الدراسة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.
وأشارت إلى أن ضرورة الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة، تكمن في تميز هذه الغازات بقدرتها على حبس الحرارة في الغلاف الجوي، وبالتالي رفع درجة حرارته، حيث يعد ثاني أكسيد الكربون أكثرها انتشارًا بنسبة تتجاوز الـ 82%، فهو يتولد بكثافة من خلال احتراق الوقود الأحفوري، ومن تأثيراته الأكثر وضوحاً على المناخ ذوبان الأنهار والقمم الجليدية بشكل أسرع من المعتاد، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر ويهدد بموجات تسونامي جارفة.
وعلى الصعيد المحلي، درست جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، إمكانات الطاقة الحرارية الأرضية على طول البحر الأحمر، مستهدفة العديد من الأحواض الرسوبية المتصدعة، وخلصت الدراسة إلى أن الجيولوجيا السعودية مواتية لتطوير طاقة حرارية أرضية وفيرة ونظيفة وبديلة ومستدامة، كما وسعت الشركة السعودية لخدمات حقول النفط "طاقة" نطاق تواجدها عالميًا إلى أكثر من 20 دولة، وعلى رأسها التعاون مع شركة "ريكيافيك" الأيسلندية الرائدة.
كما أطلقت شركة "طاقة جيوثيرمال"، مشاريع تستهدف إنتاج ما لا يقل عن 1 جيجاوات من الكهرباء أو ما يعادلها في المستقبل المنظور، للمساهمة في تحقيق أهداف المملكة المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون، إذ تعمل الشركة بشكل كبير في استكشاف وتقييم وتسخير موارد الطاقة الحرارية الأرضية، كما تعاونت الشركة مع كاوست في حفر بئر ضحلة بعمق 400 متر في حرم الجامعة لرصد ومراقبة مشاريع توليد الطاقة الحرارية الأرضية المستقبلية في المملكة،والتي سيتم استخدام بياناتها في التخطيط وتخفيف مخاطر الآبار الحرارية الأرضية العميقة.