كشف وزير المالية محمد الجدعان، أنه يجري حاليا دراسة إعادة النظر في المقابل المالي المفروض على المرافقين، لا سيما أننا نستهدف استقطاب كفاءات تكون منتجة في الاقتصاد ونسعى للتسهيل عليها وإشعارها بالاستقرار باستقدام أهلهم معهم، وذلك بما يرفع الإنتاجية.
وقال الجدعان في لقاء مع بودكاست "سقراط" على إذاعة ثمانية، إن فرض المقابل المالي كان وفقا لدراسة اقتصادية وقتها بسبب استهلاك نحو مليوني شخص للخدمات المدعومة التي تقدمها الدولة، مشيرا إلى أن المعادلة بدأت تتغير الآن وأصبح هناك رفع لبعض الدعم واستهداف المستحقين بعد إطلاق حساب المواطن لتعويضهم عن رفع الدعم.
وأشار إلى أنه حتى فترة قريبة كان اقتصاد المملكة ريعي خدمي قائم على الاستيراد، معتمدا بشكل أساسي على النفط فقط، حيث وصلنا آنذاك إلى مراحل في عجز الميزانية غير مستدامة بلغت 15% ، فكان لابد من التحول واتخاذ إجراءات سريعة ربما كانت مؤلمة، لكن كان لابد من التحول وتنويع الاقتصاد لأن الاعتماد على سلعة واحدة يجعل الاقتصاد يتخبط بشكل كبير جدا.
وأبان أن الإصلاحات الاقتصادية في المملكة كانت مؤلمة ولكن لم نستطع الانتظار، وهي في سبيل أن يكون هناك ضبط للمالية العامة وتخفيف للعجز، وأن يكون هناك نتائج إيجابية متنوعة على الاقتصاد.
وتابع أن القرارات كانت مؤلمة لكن لم يكن بالإمكان ما هو أفضل، وعلينا أن ننظر للنتائج الآن فالبطالة انخفضت وزادت مشاركة المرأة بشكل كبير وملحوظ في سوق العمل كما تضاعف عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ولفت إلى أن تنويع الإيرادات وتخفيف حدة أثر الإيرادات النفطية على الخطط الاقتصادية كان من الأمور المهمة جدا حتى لو كانت مؤلمة، وذلك لتجنب أي مشكلات مثلما حدث عندما جاءت الجائحة وانهارت بعدها أسواق النفط، وتضاعف الاحتياج للجانب الصحي، كما تضاعف الاحتياج لدعم المواطنين والاقتصاد والأعمال حتى لا يحدث الانهيار.
وفي سياق متصل، لفت إلى أن فرض ضريبة القيمة المضافة كان في وقت صعب لكنه كان أفضل الخيارات في ذلك الوقت للحفاظ على المالية العامة والاحتياطيات على المدى المتوسط والطويل، ولا أعتقد الوقت مناسب لإعادة النظر في الأمر.
وأشار إلى أن منتج صح يعد خطوة أولى مخصصة للأفراد ويحافظ على رأس المالي وله حدود قصوى بسبب عوائده المرتفعة، وهي منتج ادخاري للمحافظة على رأس المال، لافتا إلى أنه يتم العمل على إطلاق منتجات ادخارية تمتلك هيكلية أخرى مختلفة عن منتج صح، مبينا أن الوزارة تعمل مع اللجان المختصة على المنتجات وسيتم الإعلان عقب الانتهاء منها.
وأشاد ببرنامج "جودة الحياة" وأثره الملموس على المواطن حيث طورالعديد من القطاعات التي تخلق أعمال وتخلق وظائف، وأيضا على نمط وطبيعةالحياة فبعض الناس كانت تنتظر 15 سنة للحصول على مسكن، والآن يمكنهم الحصول عليالتمويل السكني في غضون أسبوعين، ونفس الأمر بالنسبة للانتظار في المستشفيات، وفيالتعليم، وفي الخدمات الحكومية الرقمية.
وقال إن التنوع في الإيرادات وصل إلى مرحلة جيدة، فالإيرادات غير النفطية كانت 79 مليار قبل سنوات قليلة، وهي الآن 440 مليار، والتنويع الاقتصادي يمر بمرحلة ممتازة حالياً، مشيرا إلى أن هناك توزيعا صحيا لمساهمة مختلف القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي، ووصعنا الآن في الاتجاه الصحيح وهذا ما نسمعه من المراقبين من خارج الحكومة سواء داخل المملكة أو خارجها، ومع ذلك ما زال الطموح أعلى بكثير مما تحقق.
وأوضحالجدعان أن نمو الإنفاق في الميزانيةيتم بشكل طبيعي وأغلب الزيادة راجعة إلى التركيز على تمويل المشاريع والاستراتيجيات الخاصة بتنفيذ مستهدفات المملكة، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم ونمو السكان الذي يتطلب زيادة في الخدمات وتحسينها، مشيرًا إلى أن زيادة الإنفاق تكون سنوية بشكل عام وهي مستمرة حتى 2030 لتمويل المشاريع والاستراتيجيات.
ولفت إلى أن الحكومة تراعي عدم مزاحمة القطاع الخاص في الاقتصاد للحصول على التمويل سواء الداخلي أو الخارجي، مشيرا إلى أن سقف الدين الحالي هو 40%من الناتج المحلي الإجمالي.
وأبان الجدعان أن تمويل مشاريع رؤية 2030 يتم من خلال تقدير الحيز المالي اللازم عبر دراسة الفجوة بين طلبات تمويل المشاريع مقابل الإيرادات المتوقع الحصول عليها علاوة على مستويات الدين التي تستطيع الحكومة الحصول عليها، مع الحفاظ على مستوى الاحتياطات اللازمة.
وأكد أن مستقبل الاقتصاد السعودي واعد جدًا سواء من ناحية التنوع او القدرة على امتصاص الصدمات والقدرة على التعامل مع المتغيرات السريعة سواء في التقنية والصناعة والأحداث الجيوسياسية، مشيرًا إلى أن التوجه إيجابي جدا مع توفر الكثير من الفرص المميزة جدا.
وبخصوص مشروع توسعة الحرم المكي، قال وزير المالية إن المشروع معقد جدا وهو أكبر كتلة عمرانية لمشروع واحد في العالم، مشيرا إلى أن اللجنة المكلفة بالمشروع كثفت من أعمالها لإحداث التوازن بين تمكين المقاول من أكبر مساحة ممكنة لإنجاز أعماله وتمكين المسلمين من أداء مناسكهم، متوقعاً الانتهاء من معظم المشروع بنهاية عام 2025 وجزء مع بداية عام 2026.