تمكن فريق بحثي بمعهد راغون في بوسطن بأميركا، من تعقب «آثار أقدام» الجهاز المناعي لمرضى تمكنوا من القضاء على عدوى فيروس نقص المناعة البشرية من دون دواء. وقالوا في دراسة نشروها في العدد الأخير من دورية «ساينس ترانسليشن ميدسين» إن «فهم البيولوجيا الفريدة لهؤلاء المرضى قد يقود لعلاج فعال ينهي هذه الآفة العالمية». والإجراء المعتاد مع المرضى الذين يتم تشخيص إصابتهم بفيروس نقص المناعة البشرية، المسبب لمرض الإيدز، هو إعطاؤهم الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية أو يتم إجراء زرع خلايا جذعية لهم، ولكن هناك قلة لديها القدرة على قمع الفيروس بشكل طبيعي وتحقيق علاج يمكن التحقق منه طبياً.

ويسمي العلماء هذا العدد الصغير من المرض بـ«النخبة المتحكمة»، وهو لقب يعكس قدرتهم الفريدة على إبعاد أحد أكثر الفيروسات شهرة. واكتسب اثنان من هؤلاء المرضى شهرة في الأدبيات العلمية في الأشهر الأخيرة، وكل منهما معروف في الغالب بالاسم الرمزي، وهما مريض سان فرانسيسكو، وآخر يدعى مريض إسبيرانزا، وكلاهما من النساء اللواتي تم تسليط الضوء عليهما في المجلات الطبية والمؤتمرات العلمية لقدرتهما على استئصال فيروس نقص المناعة البشرية من أجسادهم.

وبخلاف هذين المثالين المشهورين، ركز البحث الجديد لمعهد راغون على مجموعة أكبر من النخبة المتحكمة «58 إجمالاً»، الذين تمكنوا أيضاً من إبقاء الفيروس في مأزق بفضل قدراتهم البيولوجية المتميزة، وتمت مقارنة هذه النخبة الضابطة مع 42 مريضاً بفيروس نقص المناعة البشرية يتلقون العلاج المضاد للفيروسات القهقرية، وهم الأشخاص الذين يمثلون الغالبية العظمى من أولئك الذين تم تشخيصهم عالمياً بفيروس نقص المناعة البشرية.

ويقول الباحثون في تقرير نشره أول من أمس موقع «ساينس إكس نيتورك»: «بينما يستطيع فيروس نقص المناعة البشرية عند غالبية المرضى الاندماج في الآلية الجينية للمضيف من الخلايا البشرية عن طريق وضع نسخ من الجينوم الخاص به في الحمض النووي للمضيف، منتجاً ما يُعرف باسم (المستودع الفيروسي)، فإن عدوى الفيروس تعمل بشكل مختلف عند مرضى (النخبة المتحكمة)، حيث وجدوا أن الفيروسات في هؤلاء المرضى كانوا أكثر عرضة للعزل في مناطق الكروموسومات، حيث لا تتكاثر بسهولة، ولكن يمكن اكتشافها بواسطة دوريات جهاز المناعة».