سلّط تقريرٌ دوري صادر عن لجنة من خبراء الأمم المتحدة المعنيين باليمن، الضوء على انتهاكات الحوثيين المتواصلة للحظر الذي تفرضه المنظمة الدولية على الأسلحة.
وكشف التقرير المكوّن من 300 صفحة، وقدّم لمجلس الأمن الدولي أمس الأول، أن الحوثيين المدعومين من إيران ما زالوا يجندون الأطفال للقتال في الحرب المستمرة منذ سبعة أعوام، وأن الجماعة الإرهابية تستخدم شبكةً معقدةً من الوسطاء الدوليين للحصول على مكونات أساسية لأنظمة الأسلحة الخاصة بهم.
كما يفضح تقرير خبراء الأمم المتحدة، الانتهاكات الحوثية بحق الأطفال، وتجنيد الميليشيا لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين عشر سنوات و17 سنة، والزج بهم في الصفوف الأمامية لمعارك القتال.
وقال التقرير إن ميليشيا الحوثيين جندت خلالَ عامينِ، ما لا يقلُ عن ألفي طفلٍ، وحرمتهم من أبسطِ حقوقِهم، متحايلةً على الأطفالِ بحجةِ حضورِ دوراتٍ ثقافيةٍ لتقومَ بعدها بتدريبِهم على حملِ السلاحِ، إضافةً إلى استخدامِ المدارسِ والمخيماتِ لنشرِ التطرفِ والعنف.
ويشيرُ خبراءُ المنظمةِ الدوليةِ إلى أن جماعةَ الحوثي تقومُ كذلك باستخدامِ المساعداتِ الإنسانيةِ للضغطِ على الأسرِ كي ترسلَ أطفالَها للمشاركةِ في المعاركِ، وتهديدهم بحرمانُهم من تلك المساعداتِ المقدمةِ من المجتمعِ الدولي للعائلاتِ اليمنيةِ في حال رفضوا ذلك، فضلاً عن توثيقِ حالاتِ اعتداءٍ جنسيٍ على أطفالٍ خضعوا لتدريباتِ في المعسكراتِ الحوثية.
ويؤكدُ التقريرُ استخدامَ الحوثيين لموانئَ كالحديدةِ والصليفِ وراسِ عيسى لاستهدافِ الملاحةِ جنوبي البحرِ الأحمر، إضافةً إلى إطلاقِ الزوارقِ الملغومةِ من المناطقِ الخاضعةِ لسيطرتِهم، ناهيك عن حصولِ تلك الميليشيا على أسلحةٍ من الخارجِ عبر سلسلةٍ معقدةٍ من الوسطاءِ بهدفِ طمسِ أدلةِ التوريد.
وأضاف التقرير أن الحوثيين واصلوا حملتهم المنهجية لضمان التزام السكان بأيديولوجيتهم، وتأمين الدعم الشعبي لقضيتهم وللنزاع؛ وشمل ذلك تنظيم مخيمات صيفية ودورات تثقيفية للبالغين والأطفال على حد سواء، فيما استمرت سياسة الميليشيا المتمثّلة في استخدام العنف الجنسي، وممارسة القمع ضد النساء الناشطات سياسياً والمهنيات.
وعلى الجبهة العسكرية، أكد تقرير الخبراء الأمميين، أن الحوثيين واصلوا شـن هجماتهم الجوية والبحرية على المملكة العربية السعودية، لافتاً الانتباه إلى أنه ما تزال الأهداف القريبة من الحدود أكثر عرضة للخطر، وهي عادة ما تتعرض للهجوم بواسطة مجموعة من الطائرات المسيرة من دون طيار، وقذائف المدفعية القصيرة المدى.
كما واصل الحوثيون أيضاً توجيه ضربات لأهداف في عمق المملكة العربية السعودية باستخدام طائرات مسيرة طويلة المدى، فضلاً عن قذائف انسيابية وقذائف تسيارية، وفي البحر الأحمر، استخدمت أجهزة متفجرة يدوية الصنع منقولة بالماء لشن الهجمات على سفن تجارية راسية في موانئ بالمملكة العربية السعودية، وفي بعض الحالات على سفن تبعد أكثر من ألف كيلومتر من الشواطئ اليمنية.
وشدد التقرير على أن الغرض من هذه الهجمات، كان سياسياً في المقام الأول، إذ سعى الحوثيون إلى دفع الرياض إلى قبول تسوية سياسية تخدم مصالحهم.
وكشف تقرير الخبراء الأمميين، أن تركيب معظم أنواع الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع المنقولة بالماء والقذائف القصيرة المدى، يتم في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون باستخدام المواد المتاحة محلياً، فضلاً عن مكونات تجارية، مثل المحركات والإلكترونيات، التي يتم الحصول عليها من الخارج باستخدام شبكة معقّدة من الوسطاء في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
وتابع التقرير أنه في فبراير ومايو 2021، صادرت بحرية الولايات المتحدة الأمريكية شحنتين من الأسلحة من مراكب شراعية في بحر العرب، وشملت هاتان الشحنتان كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة؛ والصواريخ المضادة للدبابات التي توجه سلكياً وتُطلق من حاويات؛ والمعدات المرتبطة بها مثل أجهزة التصويب البصرية.
كما كشف التفتيش الذي قام به الفريق للأسلحة المضبوطة، أنها موسومة بعلامات ولها خصائص تقنية تتسق مع الأسلحة التي وثقها الفريق في عمليات ضبط سابقة، مما يدل على وجود نمط مشترك من الإمدادات التي تستخدم في نقلها مراكب شراعية في بحر العرب.
وأشار التقرير إلى أن الحوثيين اتبعوا أساليب مختلفة للاستثراء والحفاظ على أنشطتهم، ولا سيما من خلال استخدام العنف أو التهديد باستخدامه والممارسات التنظيمية القسرية، وتشمل هذه الأساليب تحصيل رسوم وجبايات غير قانونية من القطاعات الاقتصادية المدرّة للإيرادات المرتفعة، مثل النفط والاتصالات، ومصادرة أصول وأموال الأفراد والكيانات، وقد أدى الأثر اللاحق لتشظّي المؤسسات السياسية والتنظيمية والمالية إلى خلق بيئة قسرية وصعبة أمام الاقتصاد.
وشدد التقرير على أنه في حال لم تعالج حالة الاقتصاد الكلّي معالجة جادة، فإن الحلول السياسية للنزاع ستزداد تعقيداً، مما يجعل هدف تحقيق رؤية السلام في المنطقة أبعد منالاً.
كما أضاف خبراء الأمم المتحدة في تقريرهم أنه كان لاستمرار هجوم الحوثيين على مأرب عواقب وخيمة على السكان المدنيين، وبخاصـة على النازحين داخلياً، وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، وقعت عدة هجمات ضد مخيمات للنازحين داخلياً، مما عرّض الأشخاص الضعفاء للخوف والإصابات والموت، مع إجبارهم على النزوح مرة أخرى.
وأكد التقرير أن استخدام الحوثيين العشوائي للألغام الأرضية، ولا سيما على طول الساحل الغربي، شكّل تهديداً مستمراً للسكان المدنيين، مع ما يترتب على ذلك من آثار مأساوية على حياة الناس والأمن والصحة، من عواقب طويلة الأجل إذا لم يتم التصدي لها.
وأشار الخبراء الأمميون إلى أنه في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، يجري استغلال الاحتجاز والنظام القضائي لقمع أي معارضة أو اختلاف متصور في الرأي، ولا سيما من قبل الصحفيين والنساء والأقليات الدينية.