أكّدت الدراسات العلمية الحديثة وجود رابط وثيق بين الاستماع إلى الموسيقى وصحة الدماغ البشري، إذ يمتلك الدماغ آليات مشتركة لمعالجة الإيقاعات والصوتيات المختلفة وترجمتها إلى إشارات وموجات تصل إلى عمق الخلايا الدماغية، حيث تبنت كبرى المراكز العلاجية العالمية الموسيقى كنهج علاجي فعال لحالات الاضطراب العقلي الناجم عن الشيخوخة أو القلق أو الاكتئاب وغيرها.

واستعرضت مجلة "PsyPost" الأمريكية المتخصصة في أبحاث الطب النفسي، مجموعة من الدراسات الحديثة التي تناولت ارتباط الموسيقى بصحة الدماغ، والتي صدرت عن جامعة "دريكسل" بالولايات المتحدة وجامعة "زيورخ" السويسرية وجامعة "كوين ماري" البريطانية، ونشرتها كبرى الدوريات والمجلات الطبية المتخصصة؛ كدورية "PLOS One" ودورية " Neuropsychologia" ومجلة "PNAS".

ولفتت المجلة الأمريكية، إلى أن الدراسة التي أُجريت بجامعة "دريكسل" كشفت عن أن الاستماع المنتظم لموسيقى الجاز وما يصاحبها من ارتجال غنائي، يسمح لشبكات الدماغ بالتوسع لاستقبال المزيد من تدفقات المعلومات، كما يساعد على زيادة التركيز والإنتاجية أثناء العمل، فضلاً عن تحسين الحالة المزاجية والخروج من نفق الاضطرابات النفسية المظلم الذي يمتلئ بنوبات القلق والاكتئاب.

وأضافت أن الدراسة، التي أجريت بجامعة "زيورخ"، تؤكّد تأثير الموسيقى القوي على الصحة العقلية، من خلال العاطفة التي تثيرها عروض الموسيقى الحية، حيث ثبت أن هذه العروض تعمل على تحفيز العمليات العاطفية والتخيلية في اللوزة الدماغية، ما يساعد الجمهور على فهم وتحليل الإشارات الإيجابية التي يبثها العازف من خلال آلته الموسيقية؛ ما ينتج عنه الخروج بحالة روحية مشبعة بالطاقة الإيجابية تفيد المستمع في حياته اليومية.

واختتمت بدراسة حديثة أجرتها جامعة "كوين ماري" بلندن، والتي أفادت بوجود علاقة بين المبادئ الأخلاقية للناس وتفضيلاتهم الموسيقية، وكشفت عن أنماط مثيرة للاهتمام تلقي الضوء على العلاقة بين الألحان والدماغ، حيث قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 1450 مشاركاً باستخدام خوارزميات التعلم الآلي، فقدساعد هذا التحليل العميق للمحتوى الغنائي على فك رموز الموضوعات الأخلاقية الأساسية لدى المشاركين.