كشف أكاديميون في التاريخ المعاصر تفاصيل دقيقة عن أعمق مراحل تاريخ تأسيس الدولة السعودية وكيف كانت قبل الإمام محمد بن سعود وقدرته على صناعة منعطف تاريخي في الجزيرة العربية.

وأوضح أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور عبد المحسن الرشودي في مقطع توثيقي نشره "التواصل الحكومي" بمناسبة يوم التأسيس، أن الدرعية رغم أنه تم تأسيسها على يد مانع المريدي في عام 850، وتسلسل هذه الأسرة على الحكم إلا أن هذه الفترة لم يكن فيها حد فاصل ومنعطف تاريخي إلا بعد أن تولى الإمام محمد بن سعود المنطقة.

وأشار إلى أن تلك المنطقة كانت بحاجة لأمور متعددة أبرزها الأمن، لافتا إلى أن الإمام محمد كان رجلا مصلحا؛ لذلك قطع الطريق على المفسدين في المجتمع، وأسس الرسالة التي قامت عليها الدولة السعودية وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وشدد على أنه لولا النظام الذي أسست عليه الدولة ما أصبحت حدودها من الحديدة جنوبا حتى حدود الأردن شمالا، ومن مسقط شرقا حتى البحر الأحمر غربا.

وحدة بعد انقسام

من جانبها، ذكرت أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأميرة نورة الدكتورة مها آل خشيل، أن الإمام محمد بن سعود رأى بعينه حالة الانقسام التي يعيشها المجتمع آنذاك، وتأثيرها السلبي عليه، وحالة الصراع التي لا تنتهي.

ولفتت إلى أنه شعر بالمسؤولية وقتها تجاه مجتمعه والمنطقة، مبينة أن الإمام محمد بن سعود حين بدأ ضم المناطق المحيطة به لإقامة الدولة، انطلق بجهود فكرية لإقناع هذه البلدات بالقيمة التي يحصلون عليها إذا انضموا للدولة، ولم يبدأ هذه المرحلة بأي حملة عسكرية ضد الآخرين إلا حينما تعرضت إحدى المناطق التابعة له إلى هجوم مضاد، فبالتالي كان لا بد من الدفاع وإظهار القوة.

وذكرت أن الإمام محمد عُرف بالتدين والشهامة والوفاء بالعهد، وهذه السمات التي رأى فيها المجتمع العربي آنذاك النموذج الأمثل للقائد، وهو ما مكنه من الحكم لأربعين عاما متواصلة في ظاهرة فريدة وقتها، وذلك بعد حالة الاستقرار التي وفرها والتضحية براحته وخسارة اثنين من أبنائه في سبيل مشروع الوحدة.

حراك اقتصادي

من جهته، قال أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور طلال الطريفي، إنه حينما قامت الدولة السعودية الأولى كانت تعتبر تقريبا أول دولة عربية تقوم في الجزيرة العربية بعد كل هذه المراحل التاريخية خاصة أنها فرضت واقعا ومنطقا جديدا وهو واقع "المواطنة".

وأشار إلى أن جهود المؤسس وإنشاء الدولة انعكس على حركة التجارة بالمنطقة حيث زادت الحرف والصناعات، وأصبح هناك حراك اقتصادي مختلف تماما عما كانت عليه، فبدأ الناس يتناقلون تلك الأمور خاصة أن الدرعية وقتها أصبحت حاضرة.