في الغرفة رقم (46) في فندق شهير بمنطقة الزمالك في العاصمة المصرية القاهرة، لفظ الفنان سمير صبري أنفاسه الأخيرة، ووفقًا لشرطة السياحة المصرية، فإن الراحل كان يقضي فترة نقاهة بالفندق نتيجة إصابته بمضاعفات السرطان واعتلال القلب.

كتبت تحريات الشرطة الفصل الأخير في "حكاية العمر كله" لسمير صبري، كما أحب أن يطلق على مذكراته التي تضمنت سيرته الذاتية.

يعود الفصل الأول من هذه الحكاية، إلى 27 ديسمبر 1936، حيث وُلد محمد سمير جلال صبري بالإسكندرية، ليشهد في طفولته مأساة انفصال الوالدين، اضطر على أثرها إلى أن ينتقل مع والده للقاهرة، ليعيش معه هناك.

وحين انتقل إلى القاهرة، كان محمد سمير جلال صبري، أو المعروف لاحقًا باسم الشهرة الذي يحاكي اسم الأب، على موعد بلقاء العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، فهو جار في العمارة نفسها، ولتنشأ بينهما لاحقًا صداقة من نوع خاص.

وتجددت مواعيد سمير صبري مع الشهرة والفن، فاشترك في برنامج "ركن الطفل" مع الفنانة لبنى عبد العزيز التي تعهدت برعايته ومساعدته في إجادة اللغات الأجنبية.

وفي الإذاعة استغل سمير صبري هذه الإجادة لتقديم برنامج النادي الدولي، الذي ما إن أُذيع حتى قوبل من الجمهور باحتفاء منقطع النظير لينتقل بعدها من الإذاعة إلى التليفزيون.

وحاور عددا كبيرا من المشاهير والأعلام، منهم الموسيقار محمد عبدالوهاب والشاعر أحمد رامي والبابا شنودة والممثلة أمينة رزق.

ومن محطة إلى محطة كان سمير صبري ينتقل، ليثبت في كل مرة أنه متعدد المواهب والأدوات، فانتقل من الإعلام إلى التمثيل، وبدأ مشواره بأدوار صغيرة مثل (اللص والكلاب) و(هارب من الزواج) و(نهر الحياة) و(الراهبة) و(عدو المرأة)، وعمل مع كبار النجوم قبل أن يصبح بطلا لعدد من الأفلام خلال حقبتَي السبعينيات والثمانينيات.

وقدم خلال مشواره الفني أكثر من 130 فيلما منها (بمبة كشر) و(الأحضان الدافئة) و(البحث عن فضيحة) و(رحلة الأيام) و(وبالوالدين إحسانا) و(شفاه لا تعرف الكذب) و(الجلسة سرية) و(التوت والنبوت) و(نشاطركم الأفراح) و(جحيم تحت الماء) و(القتل اللذيذ) و(جحيم تحت الأرض) و(حدث في 2 طلعت حرب).

كما أنتج عددا من الأفلام منها (أهلا يا كابتن) و(السلخانة) و(منزل العائلة المسمومة) و(دموع صاحبة الجلالة) و(إنذار بالقتل).

وشارك في مسلسلات تليفزيونية مثل (أم كلثوم) و(قلب الدنيا) و(حضرة المتهم أبي) و(قضية رأي عام) و(حق مشروع) و(عدى النهار) و(فلانتينو).

ومن الدراما إلى الاستعراض، حيث كوّن فرقة استعراضية ظلت على مدى سنوات، الفقرةَ الرئيسية في كبرى الحفلات والسهرات، وفي عام 2021 تبرع بكامل ملابس هذه الفرقة لمسرح البالون.

ويمكنك القول إن سمير صبري الذي لا يمكن أن تجد مرضًا لفنان أو أزمة، إلا وكان حاضرًا فيها بصفته الإعلامية والفنية وبشخصه الإنساني قد عاش وحيدًا ومات وحيدًا، بعدما فضّل، حسبما قال، الفن على الزواج، فأنهى زواجه من شابة أجنبية، لتسافر هي وثمرة هذا الزواج إلى إنجلترا.

وفي أحد الحوارات التليفزيونية عبّر سمير عن ندمه على هذه الخطوة، مؤكدًا أمرين أنه لو عاد به الزمن لم يكن ليختار هذه الحياة، والأمر الآخر أنه لم يتعمد إخفاء أمر زواجه أو إنجابه.