انتشرت قوى الأمن الإسرائيلية بكثافة الأحد في القدس الشرقية لمواكبة "مسيرة الأعلام" التي تنظم سنويا في ذكرى احتلال إسرائيل للشطر الفلسطيني من المدينة، وتثير خشية من توترات جديدة.
وحذّرت الفصائل الفلسطينية من "اقتحام المسجد الأقصى" من جانب المشاركين في المسيرة، وأعلنت "الاستنفار العام" ودعت الفلسطينيين الى الاحتشاد في باحات الأقصى.
العام الماضي، وبعد أسابيع من التوترات والمواجهات في القدس، هدّدت حركة حماس الإسلامية بإطلاق صواريخ إذا لم تسحب الدولة العبرية قواتها من البلدة القديمة التي كانت ستمر فيها "مسيرة الأعلام" التي صادفت في العاشر من أيار، بحسب الروزنامة العبرية. ورغم اتخاذ السلطات الإسرائيلية قرارا بتغيير مسار التظاهرة، أطلقت حماس وابلا من الصواريخ في اتجاه إسرائيل التي ردت بعملية عسكرية ضخمة على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس. واستمرت الحرب 11 يوما.
وتنظم المسيرة سنويا في "يوم القدس" الذي تحيي فيه إسرائيل ذكرى "توحيد القدس" التي احتلت الشطر الشرقي منها خلال حرب الستة أيام في 1967، ثم ضمتها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
ودعت الفصائل الفلسطينية بعد اجتماع عقدته الخميس "جماهير شعبنا في القدس والضفة والداخل المحتل إلى الاحتشاد في باحات المسجد الأقصى"، واعتبار يوم الأحد "يوماً وطنياً للدفاع عن الأقصى والنفير العام"، متحدثة عن "مخططات للمستوطنين لاقتحام الأقصى".
ويُسمح لليهود بدخول باحة الأقصى، لكنهم ممنوعون من أداء الصلاة فيها. إلا أن عددا متزايدا من اليهود بات يقصد الباحة للصلاة خلسة، ما يثير توترات وتنديدا فلسطينيا بوجود نية ل"تهويد" المكان المقدس الذي يعتبر "أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين" لدى المسلمين. بينما تعدّ الباحة التي يطلق عليها اليهود اسم "جبل الهيكل"، أقدس موقع في الديانة اليهودية. ويقول اليهود إنه بُني فوق موقع معبد يهودي دمره الرومان سنة 70 ميلادية ولم يبق من آثاره سوى الحائط الغربي المعروف بحائط "المبكى" أو حائط "البراق".
وحذرت الفصائل إسرائيل "من ارتكاب أي حماقة بالسماح باقتحام المسجد الأقصى"، مؤكدة أن "هذا المُخطط سيكون بمثابة برميل بارود سينفجر ويُشعل المنطقة بأكملها".
ويشارك في مسيرة الأعلام عادة القوميون اليهود. ودعت الفصائل الى "الخروج إلى الشوارع رافعين العلم الفلسطيني، والاشتباك المفتوح مع العدو في نقاط التماس".
ودعت حركة حماس من جهتها السبت "جماهير شعبنا إلى النفير العام غدا وشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى لإفشال مخططات الاحتلال التهويدية".
وقال عضو المكتب السياسي لحماس غازي حمد لوكالة فرانس برس "لن نتردّد في استخدام كل الوسائل الممكنة لوقف اقتحام مقدساتنا".
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها نشرت ثلاثة آلاف عنصر لمواكبة مسيرة "يوم القدس" التي ستبدأ الساعة الرابعة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (13,00 ت غ).
في نيسان/أبريل الماضي، وقعت مواجهات في محيط الأقصى الذي تسيطر القوات الإسرائيلية على منافذه، متسببة بسقوط مئات الجرحى بين الفلسطينيين.
وفي موجة عنف بدأت في أواخر آذار/مارس، قتل 19 شخصا غالبيتهم من المدنيين في هجمات ضد إسرائيليين نفذها فلسطينيون بينهم من عرب إسرائيل داخل إسرائيل وفي الضفة الغربية المحتلة، وقتل ثلاثة من المهاجمين خلالها.
وكثفت القوات الإسرائيلية ردا على الهجمات عملياتها العسكرية في الضفة الغربية حيث قتل 35 فلسطينيا بينهم نشطاء ومدنيون منهم الصحافية شيرين أبو عاقلة خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين، معقل الفصائل الفلسطينية المسلحة.
وقتل ضابط من القوات الإسرائيلية الخاصة خلال عملية في الضفة.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن المسيرة "ستجري وفق المسار المحدد لها، وكما هو الأمر منذ عقود"، أي بالمرور عبر البلدة القديمة، لكن من دون دخول باحة الأقصى.
وكتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن المسيرة "اختبار شخصي، واختبار لشخصية" بينيت بالمقارنة مع سلفه بنيامين نتانياهو الذي كان على رأس الحكومة السنة الماضية.
وأضافت "كان نتانياهو مترددا، اتخذ قرارا ليتراجع عنه (تغيير المسار) بسبب تهديدات حماس، ورغم ذلك أمطرت علينا الصواريخ (..). بينيت اختار استراتيجية معاكسة، مع سياسة هادئة ومحتسبة".
ما هي هذه السياسة؟ يرى المحلل شلومو موفاز أن "لا مصلحة لحماس بدخول حرب جديدة (...) لأنها تركز حاليا على إعادة إعمار غزة".
ومن العوامل الأخرى المؤثرة، الموقف الإيراني. وتدعم طهران حركتي حماس والجهاد الإسلامي الناشطة أيضا في قطاع غزة.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية الجمعة أن إسرائيل أبلغت واشنطن بمسؤوليتها عن قتل العميد في الحرس الثوري الإيراني صياد خدائي قرب طهران اخيرا. وبالتالي، يرى موفاز أن الإيرانيين "قد يشجعون (حماس أو الجهاد) على كسر الأمر الواقع" وإطلاق صواريخ على إسرائيل.
ودعا الموفد الدولي الى الشرق الأوسط تور وينيسلاند الإسرائيليين والفلسطينيين الى "أقصى درجات ضبط النفس". وقال "رسالة المجتمع الدولي واضحة: تجنبوا تصعيدا جديدا".