تظل بعض التقاليد الشعبية محتفظة بقدراتها على مقاومة التغيرات الثقافية والاجتماعية التي تطرأ على المجتمع بشكل عام، على نحوٍ أشبه بقدرة الذهب على مقاومة الصدأ، لتبقى محتفظة بقيمتها الاجتماعية مهما تغيرت الأزمنة.
ولا شك أن البشت الحساوي يُعد أحد أهم النماذج الثقافية التي قاومت التغيرات الاجتماعية، واحتفظ لنفسه بقيمة اجتماعية وتاريخية على مستوى المنطقة الخليجية أو العربية بشكل عام.
تاريخ البشت الحساوي
تمتد حياكة البشت الحساوي إلى عقود طويلة من الزمان، حيث تخصصت بعض العائلات في هذه المهنة وتوارثها أبناؤها، ما كان سببًا رئيسيًا في منع اندثار هذه الحرفة.
وحسب حديث مصنعيه، يشارك في تصنيع البشت الحساوي عدد من الصناع المهرة، حيث يتخصص كل منهم في حياكة جزء أو مرحلة محددة في إعداد البشت، ليكون بذلك نتاجًا لعمل فني جماعي متكامل، اكتسب موروثاته من حرفة قاومت التغيرات الاجتماعية منذ زمن طويل.
وأكد أحد الحياكين المتخصصين في صناعة البشت الحساوي لـ"أخبار 24"، أن ارتداء البشت في الأحساء لم يكن يفرق بين الفقراء والأغنياء، حيث كان من المعيب خروج الرجل منذ سن العاشرة من المنزل دون ارتداء البشت، حتى في ذهابه للمسجد أو السوق.
مكانة اجتماعية متفردة
وذكر الحايك أن البشت يتمتع بمكانة اجتماعية كبيرة، ساعدته في الانطلاق من الأحساء إلى البلدان الخليجية والعربية، ليكون بذلك إحدى الحرف التي تفتخر بها المملكة.
وأضاف أن البشوت كانت تُزين بخيوط معدنية قبل أن تخضع للتطور العلمي، الذي أتاح صناعة "الخيوط القطنية المطلية بالذهب والفضة "الزري".
وأوضح أن البشت يعمل على صناعته 5 أشخاص، حيث تتباين مهامهم في حياكته، ما بين تركيب "الهيلة" و"السموط" و"البروج" و"المكسر".
مهرجان البشت الحساوي
وليس من الكثير أن يُخصص مهرجان كامل للاحتفاء بالبشت الحساوي، حيث سعت وزارة الثقافة لإبراز الإرث الثقافي التاريخي للحياكة اليدوية في الأحساء، من خلال إقامة معرض مختص خلال الفترة من 15 إلى 21 يونيو الجاري، يستهدف التركيز على الرمزية الثقافية والتاريخية للبشت الحساوي خليجيًا وعربيًا.
ويهدف المهرجان، الذي يُقام وسط سوق الأربعاء في الأحساء بالمبرز، إلى الاحتفاء بالثقافة المميزة للمملكة، والتي تشمل صناعة البشوت التي تشتهر بالمنطقة، وتقديم محتوى ثقافي متنوع، يعكس القيمة الثقافية لهذه الصناعة.