رفع قادة دول غرب إفريقيا، خلال اجتماعهم الأحد في أكرا، العقوبات التجاريّة والماليّة التي كانت تخنق منذ كانون الثاني/يناير دولة مالي الغارقة في أزمة سياسيّة وأمنيّة خطرة.

وتمثّل الإجراء القويّ الآخَر الذي اتُخذ خلال قمّة المجموعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، في الاتّفاق مع بوركينا فاسو على جدول زمني للفترة الانتقاليّة، مدّته 24 شهرًا اعتبارًا من الأول من تمّوز/يوليو 2022.

وقال جان-كلود كاسي برو رئيس مفوضية "إيكواس" المنتهية ولايته، "قرّرت القمّة رفع كلّ العقوبات الاقتصاديّة والماليّة" المفروضة على مالي، وذلك "اعتبارًا من اليوم"، غير أنّها أبقت على العقوبات الفرديّة وعلى تعليق مالي من هيئات "إيكواس"، إلى حين عودة النظام الدستوري.

من جهته، قال مسؤول آخر في المجموعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا، طلب عدم كشف هويته، إنّ "رؤساء الدول أوضحوا أنّه، بالاستناد إلى الميثاق، لا يمكن لعناصر المجلس العسكريّ الترشّح للانتخابات الرئاسيّة" في مالي.

أمّا في ما يتعلّق بـ"بوركينا فاسو، فقال أحد المشاركين في القمّة لوكالة فرانس برس "طلبنا من المجلس العسكريّ مراجعة نسخته. لقد طلب 36 شهرًا. اليوم، يتّفق الجميع على فترة انتقاليّة من 24 شهرًا، اعتبارًا من 1 تموز/يوليو 2022".

من جهة أخرى، قال جان-كلود كاسي برو إنّ زعماء دول غرب إفريقيا رفضوا الأحد فترةً انتقاليّة مدّتها 36 شهرًا اقترحها المجلس العسكري في غينيا، لكنّهم لم يُعلنوا عن عقوبات جديدة. وقد عيّنوا وسيطًا جديدًا هو الرئيس البنيني السابق توماس بوني يايي.

كان قادة دول المجموعة الاقتصاديّة لبلدان غرب إفريقيا اجتمعوا الأحد في أكرا لمراجعة خطّة تعاملهم مع المجالس العسكريّة التي وصلت إلى السلطة بالقوّة في مالي وغينيا وبوركينا فاسو واتّخاذ قرار بشأن العقوبات على هذه الدول.

ولم يتّخذ قادة دول المجموعة، في قمّتهم السابقة التي عقِدت في الرابع من حزيران/يونيو، أيّ قرار.

وقال الرئيس الغاني نانا أكوفو أدو في افتتاح الجلسة بحضور قادة معظم الدول الـ15 الأعضاء في المجموعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، "قرّرنا مراجعة هذه المسألة خلال هذه القمّة العاديّة" للمجموعة، في غياب ممثّلين رسميّين للبلدان الثلاثة المعنيّة.

وأضاف قبل بدء المناقشات في جلسة مغلقة أنّ المجموعة "تبقى ملتزمة دعم هذه الدول الشقيقة للعودة إلى النظام الدستوري والديموقراطي الطبيعي"، متابعًا "سنستمع إلى الوسطاء حول آخر التطوّرات في هذه الدول لاتّخاذ القرارات المناسبة".

وتَعيّن على قادة دول المجموعة خصوصًا اتّخاذ قرار بشأن مالي التي تخضع منذ التاسع من كانون الثاني/يناير لعقوبات تجاريّة وماليّة قاسية ردًا على الانقلاب العسكري، بعدما وافقت في الآونة الأخيرة على شروط مسبقة ضروريّة لرفعها.

أمّا بالنسبة إلى بوركينا فاسو، البلد الساحلي الذي تنشط فيه مجموعات جهاديّة، وغينيا، فقد اكتفت المجموعة حتّى الآن بتعليق عضويّة كلّ منهما في هيئاتها.

منذ سنتين شهد غرب إفريقيا سلسلة انقلابات. فقد استولى العسكريّون على السلطة في باماكو في 18 آب/أغسطس 2020 ثم مجدّدًا في 24 أيّار/مايو 2021، والأمر نفسه حصل في كوناكري في 5 أيلول/سبتمبر 2021 وفي واغادوغو في 24 كانون الثاني/يناير 2022.

وتكثّف المجموعة اجتماعات القمّة والوساطات والضغوط لتسريع عودة السلطة إلى المدنيّين في هذه الدول.

انتظرت مالي التي أنهكها نزاع مستمرّ منذ عشر سنوات، بفارغ الصبر القرار المتعلّق برفع الحظر على التعاملات التجاريّة والماليّة بعد مفاوضات متواصلة منذ أشهر بين "إيكواس" والمجلس العسكري الحاكم في هذا البلد.

ووصل الوسيط غودلاك جوناثان، الرئيس النيجيريّ الأسبق، إلى باماكو الأسبوع الماضي. ولم تُسرّب أيّ معلومات عن محادثاته، لكنّ أحد أعضاء الوفد المرافق له قال لوكالة فرانس برس إنّ "مالي حقّقت تقدّمًا هائلاً".

وأعلنت السلطات الأربعاء برنامجًا لإجراء انتخابات، يُحدّد موعد الاستحقاق الرئاسي في شباط/فبراير 2024، ثمّ الاستفتاء الدستوري في آذار/مارس 2023 والانتخابات التشريعيّة بين تشرين الأوّل/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2023.

وتأتي هذه الخطوة بعد اعتماد قانون انتخابي جديد في 17 حزيران/يونيو، وتشكيل لجنة مكلّفة صوغ الدستور الجديد.

وقال وزير الخارجيّة المالي عبد الله ديوب مساء الجمعة إنّ "الإجراءات التي اتُخِذت هذه الأيّام تسير في اتّجاه رفع العقوبات" عن مالي.

من جهتها، قامت غينيا هذا الأسبوع بحملة دبلوماسيّة مكثّفة لطمأنة قادة غرب إفريقيا وتجنّب مزيد من العقوبات.

استقبل رئيس الحكومة الانتقالية في غينيا، محمد بيوفوجي، السبت، الممثل الخاص للأمم المتحدة لدول غرب إفريقيا والساحل محمد صالح النظيف.

وشددت الحكومة على أن رسالة غينيا تقضي بطمأنة "الأشقاء في إيكواس" بشأن التزام البلاد إنجاز انتقال هادئ وجامع للسلطة.

كما استقبلت الحكومة الإثنين التشكيلات السياسية الرئيسية تمهيدا لبدء حوار. واشترطت حركات سياسية عدة من أجل مشاركتها تعيين وسيط من دول غرب إفريقيا.

وأعلنت الجبهة الوطنية للدفاع عن الدستور الجمعة "يبدو لنا من الأساسي أن تتدخل إيكواس لقيادة الحوار وبالتالي تشجيع العودة إلى النظام الدستوري في غينيا".

في بوركينا فاسو، عينت مجموعة غرب إفريقيا وسيطا هو الرئيس النيجيري الأسبق محمدو يوسفو. وقال دبلوماسي من المنطقة لفرانس برس "نحن على طريق التسوية" مع هذا البلد.

وأثنى يوسفو خلال زيارة السبت لواغادوغو على "انفتاح (العسكريين) على الحوار" معلنا أنه "بحث الجدول الزمني للعملية الانتقالية" الذي طرحت الأربعاء على القادة السياسيين.

وتعتزم سلطات بوركينا فاسو تنظيم استفتاء دستوري في 24 كانون الأول/ديسمبر 2024 وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في 25 شباط/فبراير.