منذ صباح اليوم (الخميس) بدأ حجاج بيت الله الحرام بالتوافد إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، والذي يوافق الثامن من ذي الحجة من كل عام، والذي يعتبر أول محطات مناسك الحج في المشاعر المقدسة.

الموقع

يقع المشعر داخل حدود الحرم بين مكة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كلم شمال شرق المسجد الحرام، ويحيط به الجبال من الناحيتين الشمالية والجنوبية، ويحده من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسر، ولا يُسكن إلّا مدة الحج فقط، ويسع لأكثر من مليوني حاج.

وتقدر مساحة منى الشرعية بحوالي 7.8 كم2، والمستغلة فعلاً 4.8 كم2 فقط، أي ما يعادل 61% من المساحة الشرعية و39% عبارة عن جبال وعرة ترتفع قممها حوالي 500م فوق مستوى سطح الوادي.

وتنصب فيه خيام سكنية مصنوعة من مواد مقاومة للاشتعال، على مساحة تتجاوز 2.5 مليون متر مربع وتستوعب أكثر من 2.6 مليون حاج، ومرتبطة ببعضها البعض بواسطة ممرات، وتحاط كل مجموعة خيام بأسوار معدنية تضم أبواباً رئيسية وأخرى للطوارئ.

 

المكانة

يُعتبر مشعر منى من أشهر الأماكن التاريخية والدينية بالمملكة، إذ رمى به نبي الله إبراهيم الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، وهو ما أكد عليه وقام به رسول الله محمد في حجة الوداع من حلق الرؤوس وذبح الهدي، كما أن به الشواخص الثلاث التي تُرمى.

ويقع به مسجد "الخيف"، وما زال قائماً حتى الآن، ولأهميته التاريخية والدينية، تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ، وقد اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء من قبله.

الأحداث التاريخية

شهد مشعر منى بيعتي العقبة الأولى والثانية، ففي السنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلاً من الأوس والخزرج لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تلتها الثانية في حج العام الـ 13 من الهجرة وبايعه فيها عليه السلام 73 رجلاً وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة.

وبنى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144هـ، الواقع بأسفل جبل "ثبير" قريباً من شعب بيعة العقبة، إحياء لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمؤازرته ونصرته وهجرته والمهاجرين إلى المدينة المنورة ، كما نزلت بها سورة "المرسلات".

وجاء اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بمشعر منى كمكانة دينية وتاريخية، إذ وفرت الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة، مؤكدةً على الجهات الحكومية والخدمية أهمية السعي على تنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامها في موسم الحج.