استعرض استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين في المدينة الطبية الجامعية جامعة الملك سعود، عبدالهادي الهباد، أبرز المشكلات النفسية لدى الأطفال والمراهقين.

وأوضح، في حديثه لـ"أخبار 24"، أن الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً لدى الأطفال والمراهقين، تتمثل في اضطراب قلق الانفصال، والذي تصل معدلاته إلى 11.9 %، واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة بمعدل 8 %، وذلك وفق أحدث مسح تم إجراؤه في 2019.

وأكد أن الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تصيب الأطفال تتعدد في مراحل العمر المختلفة، وقد تتداخل فيما بينها وتتشابه أحياناً في بعض الأعراض، موضحًا أنه يتم الاعتماد على بعض التصنيفات الطبية المعتمدة لتسهيل التعرف على هذه الاضطرابات.

وأشار إلى أن الاضطرابات النمائية تعد الأشهر بينها، ويُصاب بها الأطفال في مراحلهم العمرية المبكرة، وتعد أبرز أنواعها اضطراب طيف التوحد، واضطرابات اللغة، واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، واضطراب القصور في القدرات الذهنية، واضطرابات التعلم.

وذكر أن اضطرابات القلق تشمل قلق الانفصال، والقلق العام، والقلق الاجتماعي، ونوبات الهلع، والمخاوف المحددة، والصمت الاختياري، مشيرًا إلى أن اضطرابات السلوك تندرج تحت اضطراب العناد المتحدي واضطراب السلوك.

وأبان أن اضطرابات المزاج تشمل اضطراب الاكتئاب، واضطراب الهوس، فيما تدخل اضطرابات الإخراج في اضطراب التبول اللاإرادي واضطراب التبرز اللاإرادي، واضطرابات الأكل كفقدان الشهية العصبي، وفرط الشهية العصبي، واضطراب الوسواس القهري واضطرابات ما بعد الصدمة.

وقال الهباد إن نسب الإصابة بالاضطرابات النفسية لدى الأطفال والمراهقين متفاوتة، وذلك حسب الدراسات والمناطق الجغرافية، مؤكدًا أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن معدل انتشار معظم هذه الاضطرابات في المملكة بشكل عام.

أسباب إصابة الأطفال بالاضطرابات النفسية

وحول أسباب إصـابة الأطفال بالاضطرابات النفسية، أكد الهباد أنه تتعدد العوامل المرتبطة والمسببة للاضطرابات النفسية لدى الأطفال والمراهقين، ويصعب غالباً تحديد سبب أو عامل واحد فقط لها، لذلك من المهم دائماً العمل على تقييم كل العوامل والأسباب الممكنة لهذه الاضطرابات.

ولفت إلى أن أسباب هذه الاضطرابات تشمل العوامل الوراثية التي تنقل الصفات الوراثية والخصائص الجسدية من الآباء إلى الأبناء وترتبط بالمظهر الجسدي، حيث إن الوراثة تلعب دوراً هاماً في انتقال وحدوث الأمراض والاضطرابات المختلفة، مشيرًا إلى أن الجينات تؤثر بشكل أساسي في نمو الإنسان، وهو ما يعني أن وجود الخلل في جين معين سيصاحبه خلل في وظيفته، ومن ثم حدوث بعض الأمراض، مثل الإعاقات الجسمية والعقلية، والاضطرابات النمائية.

وبشأن العوامل البيئية، أكد الهباد أنه يمكن تقسيم البيئات التي تؤثر في نمو الإنسان إلى 4 أنواع، تشمل بيئة الرحم، والبيئة الأسرية، والبيئة المدرسية، والبيئة الاجتماعية، والتي قد تؤثر في تشكيل شخصية الطفل ومدى قابليته للإصابة بالاضطرابات النفسية.

ونوه بأن التنشئة التي يكتنفها التهديد والتخويف أو النقد المبالغ أو العنف والإيذاء، سيكون لها انعكاسات متعددة على شخصية الطفل وتفكيره ومهاراته، بما يشمل إصابته ببعض الاضطرابات النفسية.

وتابع: "الأحداث الحياتية التي يواجهها الإنسان في مراحله العمرية المختلفة تؤثر على صحته النفسية، ويرتبط ذلك بعوامل أخرى مثل نوع الحدث وشدته ومدى استمراريته والدعم الذي يتلقاه الإنسان وردة الفعل سواء من الشخص أو ممن حوله، فالأحداث الكونية من فيضانات وأعاصير أو الجـرائم أو حـوادث السير وغيرها قد تكون عوامل ترتبط بحدوث القلق، والاكتئاب أو اضطرابات الصدمة المختلفة".

كيفية علاج الاضطرابات النفسية لدى الأطفال

وفيما يخص العلاج، قال الهباد إن التدخلات العلاجية تتعدد حسب كل اضطراب وماهيته وشدته والاضطرابات المصاحبة، مشددًا على ضرورة أن تشمل التدخلات كل الجوانب التي يحتاجها الطفل، وقد تشمل التدخلات العلاجية، مثل التدخلات السلوكية المعرفية، والتي تشمل التقييم والعمل على تطوير مهارات الطفل المختلفة وتفاعلاته اليومية كالتواصل الاجتماعي ومواجهة المخاوف والقلق وتعزيز السلوكيات الإيجابية وتقليل السلوكيات الفردية.

وأضاف: "تعتبر التدخلات السلوكية من أهم التدخلات التي يحتاجها الطفل في العديد من الاضطرابات، كالاضطرابات النمائية واضطرابات القلق والاضطرابات السلوكية واضطرابات المزاج والأكل وغيرها، بالإضافة إلى التدخلات الدوائية، وتشمل العديد من الأدوية، مثل مضادات القلق والاكتئاب، وأدوية فرط الحركة، والأدوية معدلة المزاج".

وبيَن الهباد أن هذه الأدوية تستخدم في العديد من الاضطرابات، سواء كخط علاج أول أو كتدخل مصاحب للتدخلات السلوكية والمعرفية، وذلك يعتمد على نوع الاضطراب وشدته، مؤكدًا أنه في حالات اضطرابات القلق من الدرجة البسيطة أو المتوسطة، قد تكون التدخلات السلوكية والمعرفية كل ما يحتاجه الطفل، أما في الحالات الشديدة والتي لا تستجيب فيها الطفل لمثل هذه التدخلات، فقد يتم اللجوء للتدخلات الدوائي.

وبشأن التدخلات الأسرية، أكد استشاري الطب النفسي أنها تعتبر من العلاجات المهمة للكثير من الحالات المرتبطة بالاضطرابات النفسية لدى الأطفال والمراهقين، خاصة أنه نادراً ما يكون هناك اضطراب لدى الطفل غير متأثر سلباً بالأسرة ومدى ترابطها وتفاعلاتها,

وأشار إلى أنه في بعض الأحيان تكون المشكلة الأساسية لاضطراب سلوك الطفل متمثلة في اضطراب الأسرة وطرق التواصل والتفاعل فيما بينها، ولذلك يكون فيها دور العلاج الأسري محوريا للتعامل مع مثل هذه الحالات، فيما تعد التدخلات العلاجية الاجتماعية مهمة في التعامل مع الظروف الاجتماعية، والتي قد تواجه الأسرة وتؤثر في حياتها اليومية، مثل الضغوط المادية والاجتماعية المختلفة.

وأضاف أن الاضطرابات النمائية تحتاج لتدخلات علاجية مختلفة للمساعدة في تطوير مهارات الطفل، وتشمل طرق علاج النطق والتخاطب، والعلاج الوظيفي، والعلاج الطبيعي، والعلاج الغذائي.