في ذكرى اليوم الوطني الـ 92، نعتز بتاريخنا ومورثاتنا، ونردد من قلوبنا سَارِعِي لِلْمَجْدِ وَالْعَلْيَاء.. مَجِّدِي لِخَالِقِ السَّمَاء.. وَارْفَعِي الخَفَّاقَ أَخْضَرْ.. يحْمِلُ النُّورَ الْمُسَطَّرْ.. رَدّدِي الله أكْبَر..

وكي تصير الكلمات أوضح وأحب، علينا أن نعرف أن وراء الكلمة قصة، وهي قصة للنشيد الوطني السعودي لم تبدأ من اليوم.

بداية الفكرة.. زيارة رسمية

تعود فكرة كتابة نشيد وطني للمملكة؛ لوقت زيارة رسمية قام بها الملك خالد بن عبدالعزيز لجمهورية مصر العربية، كان في استقباله الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حينها ردد المصريون كلمات نشيدهم الوطني؛ ليكلف الملك خالد، وزير الإعلام المرافق له في الزيارة، محمد اليماني، بكتابة نشيد وطني للمملكة.

اليماني يبحث عن مؤلف

وكانت القاهرة محل ولادة الفكرة، وصناعتها، كما كانت محلاً لتلحين السلام الوطني، على يد الملحن المصري عبدالرحمن الخطيب؛ بناءً على توجيه من الملك فاروق؛ ليكون هدية مصر للمملكة في زيارة الملك عبدالعزيز إلى مصر عام 1945.

اقترح الأمير فيصل، تكليف الشاعر إبراهيم خفاجي بكتابة النشيد؛ وهو الشاعر الذي كان يقضي إجازته بالقاهرة وقتها، فبحث السفير السعودي، أسعد أبو النصر عنه، حتى وجده.

الفكرة تتأخر.. لكن لا تموت

أثناء تجهيز خفاجي لكلمات النشيد الوطني، تُوفي الملك خالد؛ وهو الأمر الذي وصفه الشاعر الراحل خلال لقاء تلفزيوني، بأنه بعد ذلك وصلته دعوة من الملك فهد بن عبدالعزيز؛ لاستكمال ما بدأه؛ لكنه أرسل إليه شروطاً عامة بينها، أن يكون النشيد خالياً من اسم الملك، وألا تخرج كلمات النشيد عن الدين، والعادات، والتقاليد.

مدة التنفيذ

لـ 6 أشهر متواصلة، كان خفاجي منكباً على إعداد نص النشيد الوطني، حتى فرغ من كتابته، ثم تسلمه الموسيقار السعودي، "سراج عمر العمودي"، الذي كلّف بتركيب نص النشيد وتوزيعه على موسيقى السلام الملكي؛ ليجيزه الملك فهد بن عبدالعزيز بعد سماعه وإعجابه به، وأمر بتوزيع نسخ منه على جميع سفارات المملكة العربية السعودية.

تكريم خفاجي

عقب كتابة خفاجي للنشيد الوطني، منح شهادة البراءة، والوسام الملكي، ولقب بشاعر الوطن؛ وهو الشاعر الذي اعتبر من الشعراء المؤسسين لمسيرة الثقافة في منطقة الخليج العربي، وشغل منصب أول رئيس لجمعية الفنون في منطقة مكة، ورئيساً للجنة المشرفة على إعداد الموسوعة الصوتية للتراث السعودي.

وقدم خفاجي للتراث الغنائي في المملكة حتى قرار ابتعاده عن الفن؛ بسبب ظروف صحية في عام 1995، حوالي 600 قصيدة غنائية، يعد أوبريت "عرايس المملكة" 1995 هو أبرزها على الإطلاق.

أول أيام النشيد

كانت إذاعة النشيد الوطني، في يوم الجمعة، الموافق أول أيام عيد الفطر لسنة 1404هـ، 1984م، عبر أثير إذاعة وتلفزيون المملكة، في افتتاحية برامجهما في ذلك اليوم.

وتحتفل المملكة اليوم 23 سبتمبر باليوم الوطني لتوحيدها حيث صدر المرسوم الملكي بتحويل اسم الدولة من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، في يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ.

وتعيش المملكة قيادة وشعباً أجواء الاحتفال باليوم الوطني 92 مواصلة مسيرة البناء والنماء حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده، الأمير محمد بن سلمان.