ارتفعت حصيلة القتلى في الحريق والمواجهات التي وقعت في سجن إوين في إيران في نهاية الأسبوع الى ثمانية، وفق السلطات الإيرانية، بعد يومين على أحداث أجّجت التوترات في الجمهورية الإسلامية حيث تتواصل الاحتجاجات الشعبية منذ وفاة الشابة مهسا أميني قبل شهر.
في بروكسل، أقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد مسؤولين إيرانيين بينهم من شرطة الأخلاق ضالعون في حملة قمع الاحتجاجات التي تسبّبت في شهر بمقتل 122 شخصا، وفق منظمة غير حكومية.
وقال موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية إن أربعة سجناء توفوا في المستشفى "نظرا لتراجع وضعهم الصحي، ما يرفع العدد الإجمالي لضحايا الحريق والمواجهات بين السجناء الى ثمانية أشخاص".
وكانت السلطات ذكرت الأحد أن وفاة أربعة سجناء ناجمة عن استنشاق الدخان.
وأكد الموقع أن القتلى الثمانية هم "من المحكومين بجرائم سرقة".
وأفاد مصدر أمني الأحد أن "اضطرابات ومواجهات وقعت ليل السبت في قسم احتجاز المجرمين في سجن إوين"، متحدثا عن "إشكال بينهم وبين عناصر السجن"، ومضيفا أن "البلطجية أضرموا النيران في مستودع للألبسة في السجن، ما تسبب بحريق".
وأكدت السلطات الإيرانية أنّ الوضع عاد "تحت السيطرة" في السجن الذي يعتقل فيه أيضا سجناء سياسيون وناشطون وأجانب.
ونقل موقع "ميزان أونلاين" عن رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي قوله "ما حصل في سجن إوين كانت جريمة ارتكبها بعض العناصر (المرتبطين بـ) العدو".
ويتهم القادة الإيرانيون الدول الغربية، لا سيما الولايات المتحدة، بالتخطيط لما يصفونه بأنه "أعمال شغب".
وأوقفت شرطة الأخلاق مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاماً في 16 أيلول/سبتمبر لمخالفتها قواعد اللباس الصارمة في إيران، ودخلت في غيبوبة بعد وقت قصير، ثم توفيت بعد ثلاثة أيام.
وتبنى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد مسؤولين إيرانيين اليوم. وتشمل قائمة العقوبات التي نشرت في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، 11 مسؤولا، بينهم وزير التكنولوجيا والمعلوماتية والاتصالات عيسى زارع بور، وأربع هيئات. وسيمنعون من الحصول على تأشيرات لدخول الاتحاد الأوروبي وتجميد الأصول.
وكانت الولايات المتحدة وكندا فرضتا أيضا عقوبات على إيران بسبب قمع الاحتجاجات.
وحذّرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك من أنّ "هذه ليست سوى مجموعة أولى من العقوبات. ستتبعها أخرى إذا استمرّ النظام في ممارسة القمع".
واستبقت إيران صدور العقوبات، فحذّر المتحدث باسم وزارة خارجيتها الإثنين من أن طهران ستردّ بشكل "فوري" على العقوبات التي وصفها بأنها "خطوة غير بناءة وغير عقلانبة".
وأضاف ناصر كنعاني في مؤتمر صحافي "إذا كانت أوروبا مستعدة للتعامل من موقع الاحترام المتبادل، فإيران مستعدة أيضا للتعاون. اذا تمّ اعتماد سياسات مزدوجة، ستبدي إيران ردّ فعل متناسبا ومتبادلا. هذا ينطبق على مختلف الدول الأوروبية".
وجدّد الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الإثنين اتّهام الولايات المتحدة باللجوء إلى "إثارة الفتن" في الجمهورية الإسلامية، مشددا على أن إيران لن ترضخ في مواجهة العقوبات، وفق ما نقلت عنه وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا".
والإثنين نشر "مركز حقوق الإنسان في إيران"، ومقرّه نيويورك، على الإنترنت تسجيلات فيديو تظهر أطفالا يطلقون هتافات مناهضة للحكومة في أصفهان في وسط البلاد، وطلابا يتظاهرون في جامعة مازندران، في شمال الجمهورية الإسلامية.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" إنّ أحداث سجن إوين "لا علاقة لها" بالاحتجاجات التي أعقبت مقتل أميني والتي دخلت أسبوعها الخامس على
الرغم من حملة القمع التي خلّفت 122 قتيلا على الأقل، وفقاً لمنظمة "حقوق الإنسان في إيران" (آي إتش آر) التي تتخذ في أوسلو مقرا.
كذلك، قتل في المواجهات التي تتخلل الاحتجاجات 20 عنصرا من القوى الأمنية على الأقل، وفق السلطات.
وأرسل مئات من الأشخاص الذين اعتُقلوا خلال احتجاجات الأسابيع الأخيرة إلى سجن إوين الذي يوصف أحيانا ب"جامعة إوين" بسبب العدد الكبير من المثقّفين المحتجزين فيه.
بعد الحريق، أعربت منظمات غير حكومية والولايات المتحدة عن قلقها على السجناء، لكنّ الكثير من المعتقلين الأجانب تمكّنوا من التواصل مع عائلاتهم.
وبين المسجونين في إوين، الأكاديمية الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه والمواطن الأميركي سياماك نمازي الذي قالت عائلته إنه أعيد إلى إوين هذا الأسبوع بعد فترة إفراج موقت. كذلك، أودع النمسويان مسعود مصاحب وقمران قادري في هذا السجن.
واتصل الناشط الإيراني في مجال حرية التعبير حسين روناغي بوالدته من إوين حيث يُحتجز منذ أيلول/سبتمبر، و"بالكاد استطاع الكلام"، وفق ما قال شقيقه حسن على "تويتر". وتقول عائلته إنه تعرّض لمعاملة سيئة وإنّ ساقَيه مكسورتان.
وعلى تويتر أشارت زوجة الناشط ماجد توكلي الذي أوقف مؤخرا إلى انقطاع أخباره منذ الحريق.
وقالت مجموعة "حرية التعبير المادة 19"، "نشعر بالخوف من الظروف التي يتعرّض لها الناشط حسين روناغي، ويجب الإفراج عنه. لقد تعرّض للتعذيب وأضرب عن الطعام".
وقال المحامي الإيراني المعروف سعيد دقان على حسابه على "تويتر" إن 19 محامياً كانوا يدافعون عن المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة، اعتقلوا بدورهم.
وتعدّ موجة الاحتجاج هذه الأكبر في إيران منذ احتجاجات العام 2019 ضد ارتفاع أسعار الوقود.
ومنذ 16 أيلول/سبتمبر، تتقدّم الشابات الإيرانيات التحركات الاحتجاجية.
وتظاهرت النساء مجدّدا الأحد في كلية شريعتي التقنية والمهنية في طهران حيث هتفن "كلّنا مهسا"، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران.
من جهة أخرى، شهدت مدينة زاهدان في محافظة سيستان-بلوشستان أعمال عنف استمرت أياما عدة، بدأت بتظاهرات نظّمت في 30 أيلول/سبتمبر على أثر تقارير أفادت بتعرّض فتاة للاغتصاب على يد شرطي.
وأسفرت أعمال العنف عن مقتل 93 شخصاً على الأقل، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران.
والإثنين أعربت أكثر من 40 منظمة غير حكومية عن "قلقها البالغ" إزاء "آلة القمع التي تستخدمها السلطات الإيرانية"، داعية الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق عاجل.
والإثنين دعت لجنة تابعة للأمم المتحدة إيران إلى وضع حد لـ"انتهاكات خطرة يتعرّض لها الأطفال" خلال حملة قمع التحركات الاحتجاجية.
وبحسب "منظمة حقوق الإنسان في إيران" قُتل في البلاد 27 طفلا خلال أعمال العنف.