انطلقت اليوم (الجمعة) أولى جلسات النسخة الثانية من منتدى مبادرة السعودية الخضراء 2022، والذي يُعقد بالتزامن مع مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "كوب 27" المقام في مدينة شرم الشيخ في مصر.

وتأتي النسخة الثانية من المنتدى، الذي سيواصل فعالياته حتى يوم غد (السبت)، تحت شعار "من الطموح إلى العمل"، وذلك بمشاركة قادة من جميع مجالات منظومة العمل المناخي، وسيسلط فيه المتحدثون الضوء على الإجراءات التي تم اتخاذها خلال العام الماضي لتحقيق الأهداف الوطنية الطموحة للمملكة، مع وضع خارطة الطريق للسنوات القادمة.

تخزين الكربون

أعلن وزير الطاقة، الأمير عبد العزيز بن سلمان، عن عن توقيع اتفاقية مشروع مشترك مع "أرامكو السعودية" لإنشاء واحد من أكبر المراكز العالمية لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.

ومن المقرر أن يباشر المركز عملياته في مدينة الجبيل الصناعية بحلول عام 2027م بقدرة التقاط وتخزين تبلغ 9 ملايين طن سنوياً من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً خلال المرحلة الأولى، ليدعم بذلك هدف المملكة بالتقاط واستخدام وتخزين 44 مليون طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2035م.

وشهد المنتدى بحضور الأمير عبد العزيز بن سلمان، إطلاق 3 مشاريع تجريبية لاحتجاز الكربون واستخدامه بقيادة كل من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومدينة نيوم، والشركة السعودية للكهرباء، وشركة أسمنت الصفوة، ومعادن، وجلف كرايو، لتعزيز اعتماد إطار عمل الاقتصاد الكربوني الدائري وتقليل الانبعاثات في القطاعات التي تستهلك أكبر قدر من الطاقة.

مشاريع جديدة

 وقال وزير الطاقة، إن مبادرة السعودية الخضراء تأتي متوافقة مع كوب 27، مؤكدا أنه في العام القادم ستكون مبادرة الشرق الأوسط قد اكتملت وسيتم إطلاقها مع مبادرة السعودية الخضراء في كوب 28 بالإمارات. 

وتابع، خلال حديثه في الجلسة الأولى في المنتدى: "نتحلى بروح القيادة ولدينا قائمة طويلة ومشوقة من الإنجازات في مبادرة السعودية الخضراء، وهدفنا أن نحقق الأهداف قبل موعدها"،  مؤكدا أن المملكة تمكنت من تحقيق 50% من توليد الطاقة، وتمكنا من توصيل 400 ميجاوات بتخفيض حوالي مليون طن من الانبعاثات الكربونية، كما أن لدينا 13 مشروعا تعمل في نفس الوقت وطاقتها حوالي 11.4 جيجاوات وباستثمارات تصل إلى 34 مليار ريال.

وأضاف أنه في العام القادم سنقدم أكثر من 10 مشروعات جديدة في الطاقة المتجددة، وستوفر 20 جيجاوات، لافتا إلى أن المملكة ملتزمة بالوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060.

وأكد أنه سيتم في العام القادم تحويل محطة من السوائل إلى الغاز، وهذا سيقلل 566 مترا مكعبا من المياه في اليوم وحوالي 3 جيجاوات من الطاقة، مضيفا أن المملكة حققت ما وعدت به من خفض انبعاثات الكربون بنسبة 1.3% في 2021.

وأضاف أن المملكة بذلت جهودا في ملف ترشيد الطاقة، مؤكدا أن المملكة تريد من الجميع أن يحذوا حذوها وأن توفر الأموال المطلوبة لتحقيق الأهداف التي تطمح لتحقيقها.

طموحات المملكة

وأبان أن الوزارة لديها فريق رائع لوضع معايير للهيدروجين النظيف منخفض الكربون، لافتا إلى أن هذه المعايير ضرورية لجعل ليسهل على الناس شراء الهيدروجين الأخضر، منوها بأن المملكة وقعت عددا من الاتفاقيات لإنتاجه واستخدامه في تشغيل القطارات والطائرات وإنتاج الطاقة.

وأكد أن المملكة إذا انتجت الهيدروجين الأخضر ستكون أفضل منتج للهيدروجين الأخضر، وستكون أقل من تنتجه سعرا، مضيفا أن الوزارة ستطلق خطة كرديت للغازات الدفيئة لعام 2023 بهدف الحد من الكربون.

ولفت إلى أن المملكة كانت الأولى والوحيدة التي أمكنها الوفاء بوعدها في رفع وعي المشغلين، متعهدا بتقديم حوافز لهم، وكاشفا عن أن المملكة تؤسس شركة لإدارة الكربون وخفضه، مضيفا أن بعض شركات الأسمنت بدأت في بناء نظمها لإنتاج الأسمنت، وأن المملكة ستوقع خلال المنتدى المزيد من الاتفاقيات.

وأكد أن المملكة كانت أول دولة توافق على تخفيض الميثان في العالم، كما لديها أقل نسبة من انبعاثات الميثان في العالم.

مبادرات واستثمارات

من جهته، قال وزير البيئة والمياه والزراعة، عبد الرحمن الفضلي، إن مبادرة السعودية الخضراء ساهمت منذ إطلاقها في زراعة أكثر من 18 مليون شجرة منها 13 مليون شجرة مانجروف، وإطلاق 17 برنامجاً بيئياً جديداً بهدف استعادة المساحات الخضراء الطبيعية ومواجهة تبعات تغير المناخ.

وأضاف أن استصلاح أراضي الغابات الرطبة في المملكة يمثل طريقة طبيعية فعالة لمنع تآكل السواحل ومكافحة تغير المناخ، حيث تمتص هذه الأشجار كميات كبيرة من الكربون تصل إلى 5 أضعاف ما تمتصه الغابات الاستوائية.

وأشار إلى أنه يجري العمل حالياً على زراعة ما يقارب 100 نوع من الأشجار المحلية المختارة بعناية والقابلة للتكيف في مشاتل مخصصة، بهدف زراعتها لاحقاً في 62 موقعاً معتمداً في جميع أنحاء المملكة.

وأكد أن هذه الخطوة تسهم في تنمية الغطاء النباتي الطبيعي وحماية التنوع البيولوجي وتثبيت التربة للحد من العواصف الترابية. ومن خلال تنسيق الجهود الوطنية، تمكّنت المملكة من زيادة مساحة محمياتها الطبيعية بمقدار أربعة أضعاف مساحتها السابقة في عام 2016.

 

وأوضح الفضلي أن المملكة لديها أكثر من 65 مبادرة واستثمارات بحدود 20 مليار دولار خلال الثماني سنوات القادمة، كما تسعى الوزارة لتحقيق مبادرة السعودية الخضراء، مضيفا أن المملكة ملتزمة بالتنمية الاقتصادية المستدامة للمحافظة على الموارد الطبيعية.

ونوه بإنشاء شركات تعني بإدارة تدوير النفايات، لافتا إلى أن الوزارة تستهدف رفع مستوى المحميات إلى 30%، كما أن لدى الوزارة مراكز حديثة تعنى بالتغير المناخي كما أن لديها مستهدفات في إعادة تدوير النفايات، ومكافحة العواصف الترابية وبرامج الاستمطار.

وتطلع إلى تنفيذ المبادرات والمستهدفات التي يطمحون إليها بالتكلفة والوقت المحددين، وذلك بمتابعة ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، متعهدا بأن يكون المستقبل مبشرا بخير.

السياحة والاستدامة

وأكد وزير السياحة، أحمد الخطيب، أن المملكة وضعت خططا واثقة في الوصول إلى صفر في الانبعاثات بحلول 2060، لافتا إلى أن السياحة العالمية تسهم بحوالي 8% في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لذلك فهم سيسعون لمواجهة هذا التحدي لحماية الكوكب، خاصة أن القطاع سيشهد المزيد من المشاريع السياحية.

وأضاف أن المملكة تبذل جهودها لحماية البيئة، لكونها إحدى الأولويات في أجندة رؤية المملكة 2030، كما أن المملكة أعلنت في العام الماضي ترسيخ أول مركز لحماية واستدامة السياحة في العالم.

وأبان أن البيئة والاستدامة على رأس أولويات الوزارة لضمان حماية الكوكب، مضيفا أن إهمال حماية البيئة سيؤثر سلبا على قدوم السياح، لذلك تم تضمين مفهوم الاستدامة في القوانين والتشريعات المرتبطة بالسياحة، بجانب العمل مع القطاع الخاص لضمان استخدام المواد المحافظة على البيئة والتي يمكن إعادة تدويرها، لافتا إلى أنه جارٍ العمل على مشاريع ضخمة في البحر الأحمر والمدن الثقافية والتاريخية في المملكة مثل محافظة العلا.

تحديات الاستدامة

ولفت الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين بشركة أرامكو السعودية، أمين حسن الناصر، إلى أن خطة الانتقال إلى الاستدامة غير عملية بالشكل المطلوب  وتعد من الأمور الصعبة، ومع ذلك فلا بد من نزع الكربون من النفط والاهتمام بالطاقة المتجددة.

وشدد على زيادة الخيارات التي تقلل من الانبعاثات الكربونية، وزيادة استخدام الخيارات الصديقة للبيئة، لافتا إلى أن المملكة تستثمر في الهيدروجين الأزرق والأخضر ومصادرة الكربون واحتجازه.

ولفت إلى أن الشركة نجحت في احتجاز 9 ملايين طن من انبعاثات الكربون، مشددا على الاستفادة من موارد الطاقة ونزع الكربون منها إلا أن ذلك يتطلب المزيد من الاستثمارات.

وأكد أن 98% من مصادر الطاقة تأتي من النفط والغاز، لذا فهناك حاجة لحل يمكن تطبيقه بشكل متوازن يجمع بين الطاقة التقليدية والمتجددة.

ثروات معدنية

من جانبه قال وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، إن قطاع التعدين هو جزء لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030، وقيمة الثروات المعدنية الموجودة في المملكة تصل إلى 1.3 تريليون دولار، مشددا على ضرورة خلق النظام البيئي السليم وتوفير التمويل والأدوات اللازمة للتأكد من تدفق الاستثمارات في قطاع الصناعة والتعدين.

وأكد أن المملكة قلصت الفترة الزمنية لإصدار تراخيص التعدين من 80 إلى 90 يوما، وهي فترة أقل من الدول الأخرى التي يتطلب إصدار الترخيص بها أعواما، مضيفا أن الموقع الجغرافي للمملكة مهم لدول العالم، مشددا على ضرورة التعاون والعمل مع الجهات المختلفة لتسريع وتيرة العمل في هذا القطاع.

ولفت الرئيس التنفيذي لشركة معادن، روبرت ويلت، إلى أن الأسبوع الحالي شهد إعلان الشركة إطلاق مشروع الأمونيا الزرقاء، كما وقعت الشركة اليوم اتفاقية لاستخراج الكربون من عملياتها وضخه في صناعة الأغذية والمشروبات.

 ونوه بأنه جارٍ العمل على مشاريع صغيرة الحجم لقياس مدى الطلب فيها، مشددا على ضرورة إطلاق المزيد من المشاريع واختبار سلاسل الإمداد.

التشجير ومكافحة التصحر

من جانبه أوضح وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد الحقيل، أن ندرة المياه من أبرز العوائق في عملية التشجير، مبيناً أنه على مدار 40 عاماً كان علينا أن نحسن عملية تدوير المياه لتتم بشكل أفضل، مشيراً إلى أهمية التعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة لتكون نوعية الزراعة متوافقة مع النظام البيئي.

وأشار إلى أن تمتع المملكة بجغرافية متنوعة تجعل توفر المياه مختلفاً من منطقة إلى أخرى، مبيناً أن مشروع مكافحة التصحر سيساعد المناطق الريفية في المحافظة على طبيعتها ويقلل من تكلفة صيانتها.

وذكر أن المملكة تعمل على التنمية الحضرية وتنفيذ مدن صديقة للبيئة وتحسين أسلوب الحياة، مبيناً أن ذلك يتم من خلال زيادة المساحة الخضراء، مشيراً إلى ضرورة إنشاء الكثير من الحدائق والمتنزهات لخلق بيئة مناسبة للإنسان.