ظلت مهمة متابعة الحالة الأمنية للأحياء السكنية أمرا ضروريا منذ استقرار الأوضاع الاجتماعية زمن الدولة الحديثة، وظلت هذه المهمة موكلة بالرجال وإن تعددت أشكال انتظامهم بدءا برجال العسة وانتهاء بالدوريات الأمنية الاعتيادية.
وأعاد النظام الجديد لاستخدام كاميرات المراقبة الأمنية المزمع إطلاقه خلال الـ 180 يوما القادمة للأذهان التجارب السابقة في حفظ الحالة الأمنية في الأحياء السكنية عبر رجال العسة، والتي استمرت إلى عقود قريبة ماضية.
ونستعرض هنا بعض أشكال المراقبة الأمنية بمختلف مستويات تطورها:
مهنة العسة
ظلت مهنة العسة وسيلة المراقبة الرئيسية في أزمنة مختلفة، خاصة في السبعينيات من القرن الماضي، حيث كانت هذه المهنة معروفة في الطائف والحجاز وبعض مناطق المملكة، كما كانت شخصية "العسس" مصدرًا للأمن والطمأنينة خلال أوقات مزاولة مهنتهم المتمثلة في حراسة القرى والهجر.
ويذكر سكان عدد من الأحياء الشعبية أو الحواري الصغيرة في المملكة قصصا شتى للعلاقة بين أبناء الحي ورجال العسة المنوط بهم متابعة الحركة غير الاعتيادية للأهالي أو الغرباء واستيقافهم في حال الارتياب من أوضاعهم عبر أدوات بدائية تستخدم في هذا الشأن.
ويقول أحد كبار السن الذين عرفوا ألوانا من هذا العمل إن البداية كانت بعبارة يطلقها رجل العسة لمن يرتاب في سيره ليلا وحيدا دون أهل أو رفاق بالقول: "على وين يا ساري الليل"، وهنا يكون الموقف تقديريا من جانب العسة للجواب الذي سيسمعه إن كان مقنعا او يستدعي طلب المزيد من العون لإيقاف هذا الساري.
ويضيف علي سالم الحربي أن الأمر تطور لاحقا الى استخدام صافرة للتنبيه او لطلب العون من رجال الحي القريبين ومن رجال الأمن الرسميين المحيطين بالمكان مثل دوريات الشرطة الراجلة او الراكبة.
مديرية الأمن
على الرغم من كون التواجد الشرطي كان متوافرًا قبل دخول المؤسس الملك عبدالعزيز إلى الحجاز وتوحيد الجزيرة العربية، فإن تواجد الشرطة كان منحصرًا على مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة، إلا أنه بعد دخول المؤسس للحجاز، تم تأسيس مديرية عامة للشرطة في مكة.
وفي عام 1346هـ، صدر أمر ملكي بتوحيد جميع إدارات الشرطة في المملكة تحت رئاسة واحدة في مكة المكرمة، ثم تطورت المديرية العامة للشرطة وتعددت فروعها وامتدت مسؤولياتها إلى أنحاء المملكة كافة؛ وشملت أعمالها القيام بأعمال المطافئ ورعاية اليتامى وإيواء العجزة وتنظيم المرور، وكذلك أعمال الجوازات وإقامة الوافدين ومراقبة الأجانب.
كاميرات المراقبة
وألزمت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، البقالات بتركيب كاميرات منذ فبراير الماضي، وفي خطوة أخرى على طريق تعميم هذا الأسلوب، وافق مجلس الوزراء الأسبوع الماضي على نظام استخدام كاميرات المراقبة الأمنية، والذي ينص على تنسيق وزارة الداخلية مع الجهات المعنية لوضع خطة زمنية لإلزام كل فئة ملزمة بتركيب الكاميرات وأجهزة المراقبة الأمنية.
ويعتقد الكثيرون أن وجود الكاميرات سيسهم بشكل أكبر في منع المخالفات القانونية الحقيقية التي يرتكبها مستهترون داخل الأحياء وتغفل عنها عين الرقيب البشري أو تتعامى لأسباب اجتماعية.