"أقسم بالله كنت أبكي والمدرب حفزنا.. وكنا نريد بدء المباراة من الصباح.. لا أستطيع أن أصف ما حدث.. هو مجنون".. هكذا وصف نجم المنتخب الوطني السعودي، عبدالإله المالكي، حديث مدرب الأخضر الفرنسي هيرفي رينارد، بغرف تبديل الملابس قبل لقاء الأرجنتين، في افتتاح مشوار الفريقين في كأس العالم قطر 2022.
رينارد كان حديث الشارع السعودي والعالمي، بعد فوز المنتخب الوطني على نظيره الأرجنتيني، بثنائية مقابل هدف، في واحدة من كبرى المفاجآت في تاريخ كأس العالم، التي شهدها استاد لوسيل بالدوحة، وسط حوالي 88 ألف متفرج.
في خلال الشوط الأول من المباراة، حبست الأرجنتين أنفاس الجماهير السعودية، بعدما سجلت الهدف الأول عن طريق نجمها الأول ليونيل ميسي، لكن الصقور الخضر انتفضت بعد الاستراحة، وأدركت التعادل من أول تسديدة على المرمى بواسطة صالح الشهري، ثم سجل بعدها مباشرة سالم الدوسري هدف الانتصار الثمين.
الثنائية لم تأت من فراغ فكان وراءها سحر نثره المدرب الفرنسي تجاه الصقور الخضر، بين شوطي المباراة، بعد كلمات تحفيزية أشعلت داخل اللاعبين الحماس.
ما قبل رينارد
في عهد ما قبل رينار لم تفز السعودية على الإطلاق في مباراتها الأولى في كأس العالم، وكانت أفضل نتيجة التعادل (2-2) مع تونس في 2006، حيث خسر الأخضر بثنائية مقابل هدف أمام هولندا في بداية مشواره بمونديال 1994.
وفي كأس العالم 1998، خسر الأخضر أمام الدنمارك بهدف نظيف، وفي كأس العالم 2002، سقط المنتخب السعودي بنتيجة كبيرة أمام ألمانيا بـ8 أهداف دون رد، كما خسر أمام روسيا في بداية مشواره بمونديال 2018، بخماسية نظيفة.
في مونديال روسيا، المنتخب السعودي كان مفككًا وودع البطولة بعد هزيمة أخرى أمام أوروجواي قبل الفوز على مصر، واستمرت خيبة أمل السعودية بالخروج المبكر من دور الستة عشر في كأس آسيا في الإمارات في 2019، لكن منذ ذلك الحين تغير الوضع تمامًا مع التعاقد مع الفرنسي إيرفي رينارد.
فإلى جانب احتفاظ رينارد بالرباعي محمد العويس وسالم الدوسري وياسر الشهراني وسلمان الفرج، في آخر مبارياتهم التي خسروها أمام اليابان في الشارقة، استطاع المدرب الفرنسي أن يصنع نجومًا جددًا داخل صفوف المنتخب الوطني.
فتحت قيادة رينارد تحول عدد من اللاعبين إلى نجوم مثل عبد الإله المالكي الذي أصبح حجر أساس خط الدفاع مع الفرج، بالإضافة إلى ظهور لاعبين أمثال فراس البريكان، وسلطان الغنام وسعود عبدالحميد، وصالح الشهري، استعدادًا لخطة طويلة المدى من أجل كأس العالم 2022 وكأس آسيا العام المقبل في قطر.
ماذا قدم رينارد مع الأخضر
قاد رينارد المنتخب السعودي في 38 مباراة حتى الآن محققًا 21 انتصارًا مقابل 11 تعادلا و6 هزائم، وكانت البداية يوم 5 سبتمبر 2019 بودية مالي في الدمام والتي حسمها التعادل 1-1. ويعد رينارد رابع أكثر مدرب خاض مع المنتخب السعودي مباريات بعد كل من ناصر الجوهر "61 مباراة"، وخليل الزياني "40 مباراة" وكارلوس ألبرتو "36 مباراة".
وفي تصفيات كأس العالم قاد رينارد المنتخب السعودي في 18 مباراة؛ حقق الفوز في 13 منها مقابل 4 تعادلات وخسارة وحيدة، وسجل المنتخب خلالها 34 هدفًا مقابل 10 أهداف تلقتها شباكه، في أفضل نتيجة في تاريخ المنتخب بالتصفيات المؤهلة للمونديال.
وقاد رينارد المنتخب السعودي في كأس الخليج العربي "خليجي 24" في قطر؛ حيث تأهل الأخضر إلى النهائي بعد الفوز على صاحب الضيافة في نصف النهائي قبل الخسارة أمام البحرين في المباراة النهائية.
تحفيز
لم يتوقف سحر رينارد عند الأمور الفنية مع الأخضر، بل نجح في تحفيز فريقه بشكل لا يصدق، حتى تحدث عبد الإله المالكي، في مقابلة تلفزيونية، عن تحفيز رينارد وقال: "الحمد لله كنا في الموعد وعندنا مدرب مجنون أعطانا تعليمات وحفزنا بقوة بين الشوطين".
وقال رينارد بعد الفوز على الأرجنتين: "عندما قررت تدريب هذا الفريق قبل ثلاثة أعوام وجدت كل الدعم، فلدينا رئيس اتحاد رائع وأيضًا وزارة الرياضة.. عندما اجتمعنا مع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، لم يضع علينا أي ضغط وهذا رائع، فالتعرض للضغط لا ينجح في كل مرة".
خطاب تاريخي بين شوطي المباراة
أظهر فيديو نشره حساب المنتخب السعودي على "تويتر" كواليس يوم المباراة التاريخية للمنتخب السعودي وما قاله المدرب الفرنسي هيرفي رينارد للاعبين بغرف تبديل الملابس قبل اللقاء في افتتاح مشوار الفريقين في كأس العالم.
وشهدت الكواليس قبل المباراة محاضرة تحفيزية من رينارد؛ إذ جاء ضمن حديثه: "انظر إلى الشخص الجالس بجوارك في المحاضرة؟، هل عندك ثقة به؟، نعم! لأنك تعلم أنه يعمل كل شيء من أجلك، وأنت ستعمل كل شيء من أجله".
رينارد قال: "بعد 20 سنة ستذكرون كأس العالم هذا وربما ستشاهد أحدًا في الشارع ويقول لك نعم أتذكر المباراة لقد كانت مباراة رائعة نعم هذه المباراة أمامنا، 10 أيام على نهاية دور المجموعات هذه فرصة حياتكم بعد ذلك سيفوت الأوان".
ووقتما خرج الأخضر متأخرًا بهدف وحيد، انفعل رينارد على اللاعبين، متعجبًا من طريقة تعاملهم في الملعب ووقوفهم للدفاع فقط، دون أمل لتحقيق الفوز، متسائلا عما إذا كانوا قد جاءوا لالتقاط بعض الصور التذكارية فقط مع ميسي أسطورة الأرجنتين.
وبعدها خرج اللاعبون بكل حماس ليكتبوا تاريخًا أمام راقصي التانجو، ويتصدروا جدول ترتيب المجموعة الثالثة برصيد ثلاث نقاط، يليه منتخبا بولندا والمكسيك بنقطة وحيدة لكل منهما، وأخيرًا التانجو يتذيل دون أي نقاط.