يعود تاريخ طريق الحرير إلى القرن الثاني قبل الميلاد، حيث يشير الاسم إلى شبكة الطرق البرية والبحرية التي ربطت بين الصين وأوروبا مرورا بالشرق الأوسط، بطول يتعدى 10 آلاف كيلومتر.
ويهدف الطريق إلى تحقيق التكامل الاقتصادي من خلال تعزيز الاتصالات، وزيادة التجارة من خلال بناء ممر طريق الحرير البري والبحري الذي من شأنه أن يقلل من تكلفة النقل والإمداد ووقت الشحن العابر.
وأسهم الطريق في ازدهار كثير من الحضارات القديمة، حيث يمتد من المراكز التجارية في شمال الصين، وينقسم إلى فرعين، حيث يمرّ الفرع الشمالي عبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم حتى البحر الأسود وصولاً إلى البندقية، بينما الجنوبي يمرّ عبر العراق وتركيا إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر سوريا إلى مصر وشمال إفريقيا.
دولة مطلة
تعد المملكة إحدى أهم الدول المطلة على طريق الحرير، البالغ عددها 65 دولة، كونها تقع على 3 من أفضل الممرات البحرية التجارية في العالم، وهي الخليج العربي وباب المندب والبحر الأحمر، التي يمر من خلالها 13% من التجارة العالمية، وستستفيد من قدرات الصين والدول الأخرى المطلة على الطريق لنقل التقنية ورفع قيمة الاستثمارات وتنمية الصادرات وتوليد الوظائف وزيادة القيمة المضافة المحلية.
شريك عالمي
أصبحت المملكة من أوائل الدول التي أبدت رغبتها في مساعدة الصين لإعادة إحياء هذا الطريق التاريخي القديم، واستعدادها لتكون شريكًا عالميًا في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري، حيث انضمت إلى منظومة الدول الـ 65 التي يمرّ بأراضيها طريق الحرير، خاصة وأن بكين اختارت الرياض كأهم الشركاء الإستراتيجيين في الشرق الآسيوي، وكحليف استراتيجي.
الحزام والطريق
أطلقت الصين "الحزام والطريق" بقصد تحسين الترابط والتعاون على نطاق واسع يمتد عبر القارات، حيث تعد المملكة نقطة مهمة فيه كونها أكبر الشركاء التجاريين للصين في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، وهو ما يعزز التعاون بين البلدين على مستوى الطاقة النفطية وغير النفطية في الجوانب التجارية، كما أن موقعها الجغرافي جعلها تقع في أحد أهم معابر التجارة في قارات العالم القديم.
مستهدفات الرؤية
يتماشى إعادة إحياء طريق الحرير الصيني مع رؤية 2030 التي تستهدف تحويل الموقع الإستراتيجي للمملكة بين الممرات المائية ذات الأهمية الكبرى خاصة البحر الأحمر، وقد بدأت المملكة خطوات مهمة في استثمار هذه الميزة حيث وقَّعت مع الجانب الصيني مذكرة تفاهم بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ولجنة الإصلاح والتنمية في الصين، إضافة إلى برنامج تنفيذي لما تضمنته مذكرة التفاهم لتعزيز تنمية طريق الحرير المعلوماتي، وكذلك تنفيذ إنشاء مشروع طريق الحرير عبر الإنترنت للتجارة الإلكترونية بين البلدين.
جذب الاستثمارات
اتخذت المملكة خطوات مبكرة للالتحاق بمشروع الطريق من خلال تأسيس شركة طريق الحرير السعودية، كإحدى الأذرع الاقتصادية الجديدة لتعزيز التجارة البحرية من ميناء جازان، ولتكون موردًا غير نفطي يضاف إلى اقتصادها.
وجاء تأسيس الشركة من خلال الشراكة بين الهيئة الملكية في الجبيل وينبع وشركة أرامكو وشركة صينية تمثل مقاطعتين في الصين، حيث يتوقع أن تكون أكبر منصة متقدمة للعلاقات بين البلدين بهدف جذب الاستثمارات الصينية لمختلف القطاعات الصناعية.