أثارت إيران إدانات دولية السبت بتنفيذها حكم الإعدام برجلَين بتهمة قـتل عنصر أمن أثناء احتجاجات غير مسبوقة أشعلتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني.

وبذلك، يرتفع عدد عمليات الإعدام على خلفية الاحتجاجات الأخيرة في الجمهورية الإسلامية إلى 4، إذ أُعدم رجلان في كانون الأول/ديسمبر ما أثار غضبا دوليا وفرض عقوبات غربية جديدة على إيران.

وتشهد إيران منذ 16 أيلول/سبتمبر احتجاجات إثر وفاة أميني بعد ثلاثة أيام من توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.

وذكر موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية الإيرانية أن "محمد مهدي كرامي وسيد محمد حسيني، منفّذَي الجريمة التي أدت إلى استشهاد روح الله عجميان، أُعدما هذا الصباح" (السبت)، مشيرة إلى أحد عناصر قوات التعبئة (البسيج)المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

وقال المدّعون العامون في وقت سابق إن الشاب البالغ 27 عاما جُرد من ملابسه وقُـتل على يد مجموعة من المشيعين الذين كانوا يحيون أربعينية المتظاهرة حديث النجفي التي قُـتلت خلال الاحتجاجات.

ونفذّت عمليّتا الإعدام شنقا رغم الحملة التي كانت تقوم بها مجموعات حقوقية دولية للعفو عن الرجلَين.

وكان والد كريمي توسل السلطة القضائية عدم إعدام نجله.

وندد مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بما حصل معتبرة أنه أتى نتيجة "محاكمات غير عادلة تستند إلى اعترافات انتزعت بالقوة".

وأدانت الولايات المتحدة بأشدّ العبارات تنفيذ حكم الإعدام في حقّ الرجلين. وجاء في تغريدة للناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس "ندين بأشدّ العبارات المحاكمة الصورية لمحمد مهدي كرامي ومحمد حسيني وإعدامها في إيران".

وعبّر الاتحاد الأوروبي عن "صدمته" إزاء عمليتي الإعدام.

واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أن تنفيذ حكم الإعدام بإيرانيين إثنين السبت أمر "مقزز" وحضت طهران على "الإصغاء إلى تطلعات الشعب الإيراني المشروعة".

أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك فرأت أن ما حصل "يعزز إصرارنا على زيادة الضغوط على طهران إلى جانب الاتحاد الأوروبي".

وعبر وزير الخارجية الهولندي فوبكه هوكسترا عن صدمته مؤكدا أنه سيستدعي السفير الإيراني "للتشديد على خطورة المخاوف" وداعيا دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى القيام بالشيء نفسه.

ودانت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي "الإعدامات المجنونة" داعية النظام "إلى وضع حد لهذه العقوبات الوحشية وغير الإنسانية".

وقال مدير "منظمة حقوق الإنسان في إيران" محمود أميري مقدم إن الرجلين "تعرضا للتعذيب وحُكم عليهما بعد محاكمات صورية... بدون الحد الأدنى من معايير الإجراءات القانونية اللازمة".

وعلى غرار ناشطين آخرين دعا إلى تحرك دولي أقوى.

وأضاف في تغريدة أن عمليتَي الإعدام الأخيرتين "يجب أن تكون لهما عواقب أقسى" على النظام الإيراني، وطالب بفرض "عقوبات جديدة وأكثر حزما ضد أفراد وكيانات".

واستنكرت منظمة العفو الدولية "المحاكمة الجماعية الجائرة السريعة" للرجلين، قائلة إنها لا تشبه "إجراء قضائيا حقيقيا".

وقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات. كذلك، أوقف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءا كبيرا منها "أعمال شغب" يقف خلفها "أعداء" الجمهورية الإسلامية.

وأفاد "ميزان أونلاين " أن المحكمة الابتدائية حكمت على الرجلين بالإعدام في الرابع من كانون الأول/ديسمبر.

وفي 3 كانون الثاني/يناير، ثبتت المحكمة العليا الإيرانية حكمَي الإعدام الصادرَين في حق الرجلين، واتهمتهما بقـتل عجميان يوم 3 تشرين الثاني/نوفمبر في كرج في غرب طهران.

وكان والدا كرامي نشرا في كانون الأول/ديسمبر مقطع فيديو يتوسلان فيه القضاء العفو عن ابنهما.

وقال الوالد ماشاءالله كرامي "بكل احترام أطلب من القضاء، أتوسّل إليكم، أطلب منكم... إلغاء عقوبة الإعدام في قضية ابني" واصفا ابنه بأنه "بطل كاراتيه" فاز في مسابقات وطنية وعضو في الفريق الوطني.

وقال والد كرامي لوسائل إعلام إيرانية إن محامي العائلة لم يتمكن من الوصول إلى ملف قضية ابنه.

وكتب محمد اغاسي محامي الدفاع عن كرامي على تويتر السبت إن السلطات لم تسمح لكرامي بلقاء أخير مع عائلته قبل إعدامه، مشيرا إلى أنه كان بدأ إضـرابا عن الطعام احتجاجا على ذلك.

وكان كرامي يبلغ 22 عاما، وفق منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ مقرا في أوسلو، فيما أفادت منظمة هنكاو ومقرها في النروج أن حسيني كان يبلغ 39 عاما.

منذ بداية الاحتجاجات، حكم القضاء بالإعدام على 14 شخصا لارتباطهم بالتظاهرات، بحسب إحصاء لوكالة فرانس برس استنادا إلى معلومات رسمية.

من بين هؤلاء، نُفّذ حكم الإعدام في حق أربعة أشخاص وثبتت المحكمة العليا حكمين في حق اثنين آخرين، فيما ينتظر ستة محاكمات جديدة ويمكن لاثنين آخرين الاستئناف.

ويؤكّد ناشطون أن عشرات الأشخاص الآخرين يواجهون تهما تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وقالت الممثلة البريطانية من أصول إيرانية نازانين بنيادي، وهي سفيرة لمنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، على تويتر إن "الثمن السياسي لعمليات الإعدام في إيران" يجب أن يرتفع. ودعت الدول الغربية إلى فرض عقوبات إضافية على "مسؤولي النظام المتواطئين في انتهاكات الحقوق" وسحب سفرائها من إيران وتجميد أصول.

بدورها، كتبت مسيح علي نجاد، المعارضة البارزة المقيمة في الولايات المتحدة، على تويتر "نحن في حداد كأمّة، ساعدونا في إنقاذ الآخرين".

وعيّن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي السبت قائدا جديدا للشرطة الإيرانية بعد انتهاء مهام قائدها الحالي.

وأصبح العميد أحمد رضا رادان قائدا للشرطة خلفا للعميد حسين أشتري الذي يتولى المنصب منذ عام 2015.

وحضّ خامنئي في رسالته القائد الجديد للشرطة على "تحسين القدرات المؤسسية".

وقال الخبير في الشؤون الإيرانية مهرزاد بوروجردي لوكالة فرانس برس قبل تعيين القائد الجديد إن "ثمة شائعات على أن خامنئي انتقد بشدة" أداء أشتري.

وأشار إلى انه يتوقع استبدال أشخاص مثل أشتري "بمتشددين أكثر من أجل تشديد القبضة" على القوى الأمنية.