دخل نظام الشركات الجديد الذي أقرّه مجلس الوزراء في أواخر يونيو الماضي، حيز التطبيق بدءاً من اليوم (الخميس)، ليساهم في نمو هذا القطاع الحيوي، وتمكين القطاع الخاص، ورفع جاذبية السوق السعودي.
ويساهم النظام الجديد في إزالة بعض من العقبات، التي كان لها الأثر في عرقلة قطاع الأعمال، ومهد الطريق لمزيد من تفعيل مرونة هذا القطاع الحيوي، الذي يسهم في نمو الناتج المحلي، ورفع سقف الاقتصاد السعودي.
وبالنظر إلى تفاصيل القرار، يمكن اكتشاف أن النظام أعد في ضوء الممارسات الدولية ولمعالجة جوانب التحديات التي تواجه قطاع الأعمال؛ وذلك بالمشاركة مع العديد من الجهات من القطاع العام أو الخاص، والاستعانة بآراء الهيئات المهنية والمنظمات الدولية والمكاتب الاستشارية المتخصصة، وينظم في ذات الوقت كافة الأحكام المتعلقة بالشركات التجارية وغير الربحية والمهنية؛ لضمان توافر تلك الأحكام في وثيقة تشريعية واحدة.
وحدد النظام الشكل الذي يمكن أن تتخذه الشركات التي تؤسس وفقاً لأحاكمه الجديدة، كأن تكون شركة ذات مسؤولية محدودة، أو شركة مساهمة مبسطة، أو شركة للتوصيات البسيطة، أو شركة مساهمة، أو شركة للتضامن.
تسهيلات جديدة
ويضفي النظام الجديد مرونةً أكبر من سابقه؛ إذ يسهل المتطلبات على الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر، ويعمل على تيسير متطلبات وإجراءات تأسيس الشركات، ومنح سهولة في تضمين عقود تأسيس الشركات أو أنظمتها الأساسية أحكاماً وشروطاً خاصة، وأوجد آليات ممكنة للرياديين وأصحاب رأس المال الجريء والملكية الخاصة.
وأزال النظام العديد من القيود في جميع مراحل (التأسيس والممارسة والتخارج)، وسمح للشركة ذات المسؤولية المحدودة بإصدار أدوات دين، أو صكوك تمويلية قابلة للتداول، فيما طوَّر النظام أحكام التحول والاندماج بين الشركات، والسماح بانقسام الشركة إلى شركتين أو أكثر، وسمح لأصحاب المؤسسات الفردية بنقل أصولها إلى أي من أشكال الشركات.
ولم يغفل عامل جذب الاستثمار، حيث سمح النظام بإصدار أنواع مختلفة من الأسهم بفئات وبحقوق أو امتيازات أو قيود متفاوتة، وإمكانية إصدار أسهم تخصص للعاملين لجذب الكفاءات وتحفيزهم، كما أتاح توزيع الأرباح سنوياً أو مرحلياً بحوكمة تضمن حصول دائني الشركة على حقوقهم.
وألغى نظام الشركات الجديد، الحد الأعلى لمكافآت أعضاء مجلس الإدارة؛ وذلك لتمكين الشركات من استقطاب أعضاء ذوي كفاءة وخبرة مناسبة وتحفيزهم والإبقاء عليهم، بينما أتاح تنفيذ الإجراءات إلكترونياً عبر وسائل التواصل الحديثة "عن بعد"؛ بما في ذلك تقديم طلبات التأسيس وحضور الجمعيات العامة للمساهمين، أو الشركاء والتصويت على القرارات.
ويعتبر نظام الشركات الجديد استكمالاً لتطوير المنظومة التشريعية التجارية في المملكة، والتي أطلقتها الوزارة مؤخراً بإصدار وتطوير أكثر من 60 تشريعاً، أبرزها، "نظام الامتياز التجاري، نظام الإفلاس، نظام التجارة الإلكترونية، نظام مكافحة التستر.. وغيرها".
الشركات الصغيرة
وفيما يختص بالشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، استحدث النظام شكلاً جديداً للشركات باسم "شركة المساهمة المبسطة"، يلبي احتياجات ومتطلبات ريادة الأعمال، ويمكن تأسيسها من شخص واحد، ولا يشترط وجود مجلس إدارة، بل يمكن للمدير إدارتها، ولا تشترط وجود جمعيات عامة، كما يحدد نظام الشركة الأساسي إجراءات عقد الاجتماعات وإصدار القرارات، واستثنى النظام الشركة متناهية الصغر والصغيرة من متطلب تعيين مراجع الحسابات مراعاة لحداثتها وحجمها.
وألغى الحد الأقصى لمكافآت أعضاء مجلس الإدارة في الشركة المساهمة، ومنح الحق للجمعية العامة العادية، من حيث صلاحية تحديد مقدار تلك المكافآت، مع وضع معايير عادلة ومحفزة تتناسب مع أداء العضو، وأداء الشركة، في حين ألغى الحد الأقصى لعدد أعضاء مجلس الإدارة في الشركات المساهمة، بحيث يكون للمساهمين تحديد عدد الأعضاء في نظام الشركة الأساسي.
كما أتاح أن تكون الشركة من شخص واحد دون قيود، ودون الحاجة لعقد جمعية تأسيسية، في وقت سهّل تقسيم أسهم الشركات المساهمة إلى أسهم ذات قيمة اسمية أقل، أو دمجها بحيث تمثل أسهماً ذات قيمة اسمية أعلى، مع إتاحة إصدار فئات مختلفة من أنواع الأسهم.
الشركات العائلية
وفيما يختص بالشركات العائلية، مكَّن النظام إبرام الميثاق العائلي لتنظيم الملكية العائلية في الشركة وحوكمتها وإدارتها وسياسة العمل وتوظيف أفراد العائلة وآلية توزيع الأرباح، وآلية التصرف بالحصص أو الأسهم، وآلية تسوية المنازعات أو الخلافات، وأجاز للمؤسسين أو الشركاء أو المساهمين في الشركة العائلية إبرام "اتفاقيات الشركاء" لترتيب وتنظيم العلاقة بينهم أو مع الشركة؛ بما في ذلك دخول ورثتهم في الشركة سواء بأشخاصهم، أو من خلال شركة يؤسسونها لهذا الغرض، وأن يكون الميثاق العائلي أو الاتفاق بين الشركاء جزءاً من عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي.
الشركات غير الربحية
وفي شأن الشركات غير الربحية، أفرد النظام باباً خاصاً لتنظيم الشركات غير الربحية كذراع استثمارية ممكن للارتقاء بالقطاع الثالث، وتحفيز المسؤولية الاجتماعية، ويسمح لها بتحقيق عائد عن أعمالها وإنفاقه على الأغراض غير الربحية، ومنح الحق بأن تأخذ الشركة غير الربحية شكل شركة مساهمة، أو شركة مساهمة مبسطة، أو شركة ذات مسؤولية محدودة.
الشركات الأجنبية
ووضع النظام الشركات الأجنبية في حسبانه؛ إذ سهل ممارستها للأنشطة والأعمال في المملكة من خلال فرع أو مكتب تمثيل أو أي شكل آخر "وفقاً لنظام الاستثمار الأجنبي"، مع إمكانية تعيين مراجع الحسابات بقرار من مدير الشركة، وإمكانية استمرار الشركة الأجنبية الحاصلة على ترخيص مؤقت وتحولها.
ويُمكن النظام الشركات المهنية من ممارسة مهنة حرة أو أكثر، ولها اتخاذ أي شكل من أشكال الشركات، كما يمكنها من الحصول على التمويل لتنمية أعمالها، بالسماح بمشاركة مستثمرين غير مهنيين في هذه الشركات وتمكينها من استثمار أموالها في العقارات والأوراق المالية وغيرها.