في الآونة الأخيرة، وبشكل غير مسبوق، اكتسحت "الخطّابات" تطبيق "تيك توك"، بشكل علني وغير مبرر.. حوارات مثيرة وتفاصيل غريبة، وشروط من بعض الشباب والفتيات أشبه ما تكون بخرافات لا حقيقة لها؛ حتى في حكايات ألف ليلة وليلة.
"الخطّابات" بعضهن يتصفن بالجدية، والبعض منهن بين ضحكات متعالية وحديث يفتقد الحياء والمروءة.
ظاهرة مخيفة، أسماء مستعارة، أعداد في تزايُد مستمر، ومصير مجهول، بين هنا وهناك تساؤلات كثيرة حول أن ما نسمعه ونشاهده واقع حقيقي؟ أم أن الوقت أصبح لا قيمة له عند الكثير من أفراد مجتمعنا؟ هل هناك جدية في الأمر أم تسلية وضياع للوقت فقط؟
الملاحظ أن ما نسمعه ونشاهده يبدأ منذ ساعات الليل الأولى وحتى طلوع صباح اليوم التالي، وبعضها قد يمتد لساعات أكثر.. البعض يتحدث عن رغبة الزواج، ولكن ما يمنعه شروعه في قضايا ومحكومات سابقة، والبعض يريد الزواج من فتاة أكبر منه بحجة أن ذات العمر الكبير صاحبة عقل ومنطق، وآخر يريد الزواج لمدة يوم فقط.
"أخبار 24" رصدت ما يحدث من خلال تواصُلها مع الخطابة "روان" وعند سؤالها لماذا منتصف الليل، قالت: "لا يوجد لدينا وقت محدد، فغالبًا قد نكون غير مشغولين، والوقت متاح"، مضيفةً أنه لا يُشترط مبلغ مادي على مَن يقبل الزواج من الأخرى.
وعما إنْ كان الأمر جديًا، أكدت أنه لا يوجد ضمان لجدية الأمر، كل ما يقع على عاتقهم هو أخذ كافة التفاصيل والمعلومات، مثل (الاسم، والعمر، والمنطقة، والعمل، والشروط) للجنسين، وعرضها على الطرف الآخر.
نسف لمفهوم الأسرة
الاختصاصي والباحث الاجتماعي محمد الحمزة، اعتبر أن هذه الظاهرة تستهدف الشباب بشكل أكبر، عبر استغلال حاجتهم ورغبتهم في الزواج.
الحمزة تابع في حديثه لـ "أخبار 24" بأن هذه "البثوث" يرتادها الكثير من الشباب والفتيات لساعات طويلة من الليل، وهي تستهين بمفهوم الأسرة، فنجد البعض ينساق بشكل سريع للحصول على زوجة، وهذا الأمر ضد استقرار الأسرة والأمان الاجتماعي.
وبيّن أنه لا بد من الانتباه من "الفخّ الاجتماعي" الذي تمثله هذه الظاهرة، فضلاً عن أن الكثير منها يهدف إلى الاستغلال والتربّح المادي والترويج لبعض الأمور التي تحتاج لتنظيم اجتماعي مدروس وفقاً للأعراف والتقاليد، كون الزواج في صورته الطبيعة يأخذ الإجراءات المألوفة والمتعارف عليها شرعًا وقانوناً.
الحمزة يؤكد أن الزواج مؤسسة مهيبة لها قداستها واحترامها، ويجب أن يتم بالطريقة التقليدية الواضحة، لا أن يكون بمثل هذه العبثية التي نشاهدها في مثل هذه "التطبيقات" التي هدفها الاستغلال غير الشريف.
استغلال مادي وتشويه للمجتمع
بدوره يوضح المحامي والمستشار القانوني محمد الوهيبي، أن هذه الظاهرة انتشرت للترويج لإقامة العلاقات غير المشروعة، وتشويه صورة المجتمع السعودي.
وبيّن الوهيبي لـ"أخبار 24" أن انتشار هذه الحسابات يهدف للابتزاز والاحتيال المالي، حيث إن الكثير منها أنشئت لتصيد الضحايا للحصول على مبلغ مالي، من خلال الإيهام بأنها حسابات معتمدة ولديها رخص لمزاولة هذه المهنة.
وقال: إن "الخطابات" مهنة عرفية ليس لها أي ترخيص ولا توجد أي جهة في المملكة تصدر تراخيص لها، محذراً من خطر التعامل مع هذه الحسابات حتى لا يقع الشخص فريسة للاحتيال، من خلال فتح "البثوث" على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحرض وتشوه صورة الزواج خصوصًا والمجتمع السعودي عمومًا.
جريمة معلوماتية
الوهيبي يؤكد أن تلك "البثوث" ترتقي لجريمة معلوماتية ويجيب المبادرة بالإبلاغ عنها عبر تطبيق "كلنا أمن" أو بالرفع للنيابة العامة لحماية المجتمع من هذه الحسابات، مؤكداً أن هناك كثيراً من الأشخاص تم ابتزازهم من خلال طلب صور وإرسالها للطرف الآخر مع إيهامه أن هناك زوجاً أو زوجة يرغبون بالنظر إلى الصورة، ومن ثَم يجد نفسه وقع ضحية واقعة ابتزاز.