"يعد المنطاد خياراً مثالياً للصين لتثبت للولايات المتحدة امتلاكها قدرة تكنولوجية متطورة لاختراق المجال الجوي الأمريكي دون المخاطرة بتصعيد خطير".. هكذا وصف خبير أمريكي منطاد التجسس الذي يبدو أنه سبّب أزمة دبلوماسية جديدة بين الصين وأمريكا تفاقم التوتر بين القطبين المتنافسين عالمياً.

فالمناطيد من الأساليب القديمة للتجسس، وقد استخدمت اليابان مناطيد نفاثة لأول مرة لإسقاط قنابل حارقة على الولايات المتحدة الأمريكية إبّان الحرب العالمية الثانية، وعقب الحرب بدأ الجيش الأمريكي في استكشاف استخدام المناطيد لعمليات التجسس على ارتفاعات عالية، فشرع في سلسلة من المهام واسعة النطاق سُميت مشروع "جينيتريكس".

كما تم استخدام المناطيد لأغراض التجسس بشكل أوسع خلال حقبة الحرب الباردة بين القطبين الشيوعي والرأسمالي.

عادةً ما تعمل المناطيد على ارتفاع يتراوح بين 80 ألفاً إلى 120 ألف قدم؛ وهو أعلى بكثير من الطائرات المدنية التي بإمكانها التحليق على ارتفاع 40 ألف قدم فقط، وكذلك أكبر من المقاتلات التي يمكنها التحليق لارتفاع 65 ألف قدم، في حين تستطيع طائرة الاستطلاع العسكرية "لوكهيد يو-2" الوصول لسقف ارتفاع 80 ألف قدم.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إن المنطاد الصيني يحلق على ارتفاع عالٍ للغاية ولا يشكل خطراً على الملاحة الجوية المدنية"، ورفضت طلب البيت الأبيض إسقاطه حرصاً على حياة المدنيين، في حين قالت كندا إنها تتعقب منطاد تجسس آخر بالتنسيق مع الولايات المتحدة، دون أن توضح إن كانت الصين وراء إطلاقه.

ويقول منسق برنامج الصين في مدرسة راجراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، بنجامين هو، إن ترسانة الصين تتضمن تكنولوجيا مراقبة أكثر تطوراً.

وأضاف في تصريح لـ"بي بي سي" أن لدى الصين وسائل أخرى متطورة للتجسس على البنية التحتية الأمريكية، أو لجمع أي معلومات تريد الحصول عليها؛ لكن هذا المنطاد يهدف إلى توجيه رسالة إلى الأمريكيين، وكذلك لمعرفة كيف سيكون رد فعلهم، وربما أرادت الصين أن تكتشف الولايات المتحدة المنطاد.

بينما يشير عضو مجلس كارنيجي لأخلاقيات الشؤون الدولية، آرثر هولاند ميشيل، إلى أنه من المحتمل أن يكون رصد المنطاد هو بيت القصيد؛ إذ ربما تستخدمه الصين لإثبات امتلاكها قدرة تكنولوجية متطورة لاختراق المجال الجوي الأمريكي دون المخاطرة بتصعيد خطير.

وذكر تقرير لكلية القيادة والأركان الجوية التابعة للقوات الجوية الأمريكية عام 2009 أن المناطيد تتميز بالقدرة على مسح مساحات واسعة من الأراضي من مكان أقرب، والقدرة على قضاء المزيد من الوقت فوق منطقة مستهدفة بعكس الأقمار الصناعية، فضلاً عن أنها زهيدة الثمن، واستخدامها أقل كلفة وأسهل من الطائرات المسيّرة، والأقمار الصناعية.