خلال ليلة باردة شهدت تساقُط الثلوج وانهيار المباني، وبين السيارات العالقة وركض العائلات بأطفالهم وسط ركام منازلهم، وأصوات المحتجزين تدوّي في مسامعهم طلباً للنجدة من تحت الأنقاض، خرج عدد من القصص، التي عاشها سعوديون كانوا عالقين في مناطق الزلزال التركية.

وفي هذا الصدد تروي مواطنة سعودية -تم إجلاؤها من السفارة السعودية في تركيا إلى مدينة أضنة حيث تقيم هناك حالياً- تفاصيل اللحظات المرعبة التي عاشتها على مدى أربعة أيام في محافظة ملاطيا (جنوب تركيا)، حيث كانت في رحلة سياحة لإسطنبول برفقة صديقتها التركية، التي طلبت منها زيارة أسرتها والبقاء لأيام في منزلها.

فاجعة الزلزال

بصوتٍ يرتجف من تَبِعَات ما شاهدته، تقصّ المواطنة التي تحفظت عن ذكر اسمها لـ"أخبار 24" (خشيةً على أسرتها)، بعضاً من التفاصيل المرعبة التي عاشتها، فتقول: "حاولت النوم أنا وصديقتي في تمام الساعة الثانية صباحاً، بعد يوم طويل وشاق. استيقظت بعدها بساعتين على اهتزاز السرير من مكانه بشكل مفزع، وتفاجأت لحظتها بدخول الأم وابنها للغرفة، محاولين إخراجنا بشكل سريع من المبنى، الذي كانت تتساقط أسقفه أمام أعيننا. شاهدت انهيار الجدران، وقوة الزلزال تزداد قوة. لم أفكر وقتها إلا بالنجاة وأنا لا أتمكن من الوقوف بتوازن. حينها أمسكتني والدة صديقتي، وسلمتني حقيبتي التي تحتوي على هاتفي وجواز سفري".

خوف ينتهي بأمل

وتتابع المواطنة روايتها خلال الأربعة أيام عاشتها برفقة صديقتها وعائلتها التركية، وتؤكد أنهم مكثوا داخل السيارات في ذروة قوة الزلزال، وبعد أن هدأ الوضع، دخلوا أحد المساجد وبقوا فيه هم وعائلات أخرى عديدة، ولكن عندما عاد زلزال قوي بقوة 7.5 ظهر اليوم التالي، خرجوا بسياراتهم لمكان بعيد ومرتفع، أشبه بقرية منازلها من طين، مشيرةً إلى أنها في لحظتها، لم تكن تستطع التصرف أو التفكير بشكل جيد للخروج من المنطقة، إلى أن وصلتها رسالة من شركة الاتصالات، تحتوي على أرقام السفارة السعودية، ما منحها بعضاً من الأمل.

وتضيف في رواية قصتها: "كنت آخِر سعودية يتم إجلاؤها من مناطق الزلزال نتيجة إغلاق مداخل محافظة ملاطيا وإيقاف حركة الطيران فيها، وأصبحت خائفة من انقطاع الاتصال بشكل كلي لسوء الشبكة هناك، وحينها لن يعرف أحد عني، فكنت أكتب في كل مكان ليصل صوتي للجميع، لكن كان اتصال السفير السعودي في تركيا شخصياً بي بمثابة طوق نجاة، إذ إنه منحني الأمان بعد أن كنت في قمة الخوف. أذكر أنني كُنت أتمتم بـ"الحمد لله على نعمة السعودية. الحمد لله على نعمة هذا الوطن العظيم".

إغلاق منافذ ملاطيا

وتابعت أنها شرحت الوضع للسفارة، وأرسلت لهم موقعي، وعند انقطاع وقود السيارة التي كانت تقلنا، بدأت الأوضاع تزداد صعوبة، خاصة مع إغلاق الحكومة التركية منافذ المدينة البرية والجوية، نتيجة الأضرار الهائلة".

وأضافت: "اضطررنا للبقاء بإحدى المدارس مع عائلات أخرى، ومن ثم انتقلنا لإحدى شركات السيارات وسط الثلوج والجوع حيث لم نتناول سوى الخبز والماء". وتؤكد على أنه عند سماعهم خبر إعادة فتح المطار وإجلاء سكان المنطقة بدون أي رسوم، ذهبوا إلى هناك، وبين الأعداد الكبيرة التي كانت أمامهم من سكان المنطقة، تفاجؤوا بأن أولوية الإجلاء للعائلات التي تصطحب أطفالا، مضيفةً أنه في حين تواصل معها السفير السعودي في تركيا، أكد لها أن الحكومة التركية أغلقت مداخل ملاطيا ويمنع الدخول لها نهائياً حتى من السفارة، لكنه أرسل برقية من وزارة الخارجية للسماح بدخول سيارة إلى المحافظة، لتتمكن من إجلاء المواطنة السعودية.

يوم الإجلاء لبر الأمان

وتضيف الشابة السعودية، أنه في خلال ساعات بسيطة، وصلت سيارة أرسلتها السفارة السعودية إلى ملاطيا، وقامت بإجلائها هي وعائلة صديقتها التركية إلى أضنة، حيث تجمع السعوديون هناك، مؤكدةً بأنها تقيم حالياً بشكل آمن في فندق قامت السفارة بتوفيره لها ولجميع المواطنين السعوديين، الناجين من مناطق الزلازل في تركيا، حيث يتابعون معهم مواعيد حجز رحلات عودة لهم إلى المملكة.