دخلت الثلاثاء أول قافلة مساعدات من الأمم المتحدة عبر معبر باب السلامة الحدودي بين تركيا ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سوريا، وذلك بعد ثمانية أيام من الزلزال المدمّر الذي أودى بحياة نحو 40 ألف شخص في هذين البلدين واعتبرته منظمة الصحة العالمية "أكبر كارثة طبيعية خلال قرن" ضمن منطقتها الأوروبية.

وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء نداء طارئا لجمع نحو 400 مليون دولار لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا على مدى ثلاثة أشهر.

ودعا غوتيريش كل الدول الأعضاء إلى "تمويل كامل ومن دون تأخير" لهذه الجهود من أجل تأمين "مساعدة إنسانية يحتاج إليها نحو خمسة ملايين سوري، تشمل المأوى والرعاية الطبية والغذاء".

وقال إن "الحاجات هائلة" و"نحن ندرك جميعنا أن المساعدات المنقذة للحياة لا تصل بالسرعة والحجم اللازمين"، لافتا إلى أن المنظمة تعمل على إطلاق نداء مماثل للتبرع لضحايا الزلزال في تركيا.

والثلاثاء دعت الولايات المتحدة التي لا تقيم أي علاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، كلا من دمشق والفصائل المعارضة لتسهيل دخول المساعدات.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في تصريح للصحافيين في واشنطن "لقد دعَونا إلى السماح بإيصال هذه المساعدات من دون أي عراقيل"، مشيرا إلى أن النداء يشمل النظام والمعارضة على حد سواء.

وتابع "على الجميع أن يضعوا جانبا أجنداتهم" وأن يركّزوا جهودهم على هدف واحد هو "التصدي لحالة الطوارئ الإنسانية، الكابوس الإنساني الذي تتكشف فصوله في أجزاء من شمال غرب سوريا".

من جهته، قال مدير الفرع الأوروبي في منظمة الصحة العالمية هانس كلوغه خلال مؤتمر صحافي عبر الانترنت "نحن نشهد أكبر كارثة طبيعية في منطقة الفرع الأوروبي من منظمة الصحة العالمية خلال قرن وما زلنا نقيّم حجمها".

وكانت الأمم المتحدة حذّرت الأحد من أنّ الحصيلة قد "تتضاعف".

وتستمر حصيلة الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات، في الارتفاع وقد بلغت مساء الثلاثاء 39106 قتـلى، هم 35418 في جنوب تركيا و3688 قتـيلًا في سوريا.

وفي تطور نادر بعث بصيص أمل لدى عناصر الإغاثة تمّ الثلاثاء انتشال أربعة ناجين من تحت الأنقاض في تركيا.

ففي انطاكية وعلى وقع التكبير تم انتشال ناجيين بعدما بقيا نحو 210 ساعات عالقين تحت الأنقاض، وفق مصور في وكالة فرانس برس.

وقبيل ذلك كان قد تم انتشال شقيقين بعدما بقيا 198 ساعة عالقين تحت الأنقاض.

وقال الشقيقان البالغان 17 و21 عاما إنهما بقيا على قيد الحياة بفضل تناولهما مسحوق البروتين.

وقال أحدهما في تصريح لمحطة "ان.تي في" التركية "كنت هادئا. كنت أعلم أنه سيتم إنقاذي. كان التنفس تحت الأنقاض ممكنا".

لكن على الرغم من هذه المعجزات الأربع، أصبحت احتمالات انتشال ناجين من تحت الأنقاض شبه معدومة.

وقال جنكيز وهو عسكري سيبلغ الخمسين قريبا وفقد خمسة من أقربائه إنّ "الفرق التي أتت إلى هنا للبحث قالت بوضوح إنها تبحث عن ناجين. لقد عملت مدى يومين ولم تعثر على أي ناج".

وقال حسين آملا العثور على زوجة شقيقه وأولادهما الأربعة "نتفهم إعطاء الأولوية للأحياء، لكن من حقنا أن نطالب بجـثامين أقربائنا".

وفي الظروف الراهنة تعطى الأولوية لتوفير الرعاية لمئات الآلاف بل ملايين الأشخاص الذين دمّرت منازلهم في الزلزال.

والثلاثاء قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عقب اجتماع للحكومة "لقد لبّينا احتياجات إيواء 1,6 مليون شخص. نحو 2,2 مليون تم إجلاؤهم أو غادروا المحافظات (المتضررة) طوعا".

بالإضافة إلى الأضرار المادية التي لحقت بالمنكوبين يعاني هؤلاء وخصوصا الأصغر سنا من صدمات نفسية.

وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن أكثر من سبعة ملايين طفل يعيشون في مناطق متضررة من جراء الزلزال بواقع 4,6 ملايين في تركيا و2,5 مليون في سوريا.

وهذه أول مرة تُدخل فيها الأمم المتحدة مساعدات عبر باب السلامة، منذ توقفها عن استخدامه العام 2020 جراء ضغط روسي على مجلس الأمن الدولي أدى الى تعديل آلية إيصال المساعدات عبر الحدود.

وتضم القافلة المقدمّة من المنظمة الدولية للهجرة 11 شاحنة مساعدات استجابة لحاجات المنطقة المتضررة بشدة من الزلزال.

ويربط معبر باب السلامة تركيا بشمال محافظة حلب، حيث يقطن 1,1 مليون شخص في مناطق تحت سيطرة فصائل سورية موالية لأنقرة. وهو معبر تجاري وعسكري تستخدمه تركيا والفصائل الموالية لها.

وتعدّ المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في شمال حلب ومحافظة إدلب (شمال غرب)حيث يقيم قرابة ثلاثة ملايين شخص تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) وفصائل أخرى أقلّ نفوذا، من أكثر المناطق تضررا بالزلزال المدمر.

والإثنين، أعلن غوتيريش أنّ الأسد وافق على فتح معبرين حدوديين إضافيين بين تركيا وشمال غرب سوريا لإدخال مساعدات إنسانية للمتضرّرين من الزلزال.

وقبل الزلزال كانت المساعدات الإنسانية لشمال غرب سوريا تدخل من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات العابرة للحدود.

وأفاد المسؤول في وزارة النقل السورية سليمان خليل أنّ 62 طائرة محملة بالمساعدات هبطت في سوريا حتى الآن ويُنتظر وصول المزيد في الساعات والأيام المقبلة، خصوصا من المملكة العربية السعودية.