شواهد عمرانية ذات أصالة فريدة، ومعالم تراثية احتفظت بروح التاريخ، بقيت شاخصة على امتداد نظر زائر حي الطريف في محافظة الدرعية الذي يعد ضمن أهم المواقع السياسية والجغرافية للبلاد، إذ شهد ولادة الدولة السعودية الأولى، في أوائل القرن الثامن عشر ميلادي، لينطلق منه الدور السياسي والديني والاقتصادي للدولة التي خضع لنفوذها معظم أجزاء الجزيرة العربية.
ولحي الطريف رمزيته التاريخية وحضوره اللافت في صفحات الماضي والسير، إذ يستمد أهميته نظراً إلى كونهِ مقراً لحكم الدولة السعودية الأولى، ويضم سكن الإمام محمد بن سعود وأسرته، فيما يحتضن أهم معالم الدرعية وقصورها ومبانيها الأثرية على غرار: قصر سلوى مقر حكم البلاد، وأكبر قصر بين قصور الدرعية ونجد بصفة عامة، بجانب جامع الطريف، وبيت المال، الذي يضم الخزانة العامة للدولة، بجانب سبالة موضي التي تُعَد وقفاً خيرياً وقتئذ، وعدداً من الآبار والمرافق الخدمية.
وتحكي قصور ومباني حي الطريف الشاهقة جوانب مهمة للعصور التاريخية للدولة السعودية الأولى، إذ يعد أحد أهم المواقع السياسية والجغرافية التي تكونت منها أعظم وحدة سياسية مستقلة على يد محمد بن سعود لم تعرفها شبه الجزيرة العربية لقرون طويلة كانت ممتلئة بـالفرقة والصراع والتناحر، حسب ما توضح الدكتورة جملاء المري، أستاذ مادة التاريخ في جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل.
وتضيف أن حي الطريف شهد نهضة معمارية ضخمة تمثلت في بناء القصور، والمساكن العامة، والمساجد، والأسوار، والحصون، فيما تعد أشهر دلائل تلك النهضة: قصر سلوى، فهو منزل أئمة آل سعود، وتصدر القرارات الرسمية للبلاد من داخله، كما أنه يضم ما سُمي بالديوان الكبير الذي يجتمع بداخله الإمام محمد بن سعود الجد الخامس للملك سلمان بن عبد العزيز، مع مستشاريه، والقضاة، والأمراء، ورؤساء الأقاليم، وشيوخ القبائل، والعلماء.
وتوضح المري لـ " أخبار 24 " بأن حي الطريف يتميز بعراقته التاريخية، والحضارية، إذ يعد مصدر إشعاع حضاري لمناطق الجزيرة العربية كافة، ومركزاً خالداً للجوانب الثقافية، والعلمية كافة، وملتقًى لقوافل الحجاج والتجارة، لذا ازدهر اقتصاد الحي، فأصبح قلب الجزيرة العربية النابض الذي يشع منه الأمن والحضارة.
وحسب ما أورده موقع "هيئة تطوير الدرعية"، فإن حي الطريف بُني في القرن الثامن عشر، ويتميز بطرازه المعماري الفريد، ويضم الساحات والأزقة والأبراج التي تعرض العمارة النجدية وتعكس أساليب الحياة التقليدية للمملكة.
وفي الوقت الراهن، بات الحي التاريخي الذي تشكلت فيه نواة الدولة السعودية الأولى، نقطة جذب للكثير من السياح والزوار بعد أن جرى استثمار الأصول المتوافرة داخله من قِبل هيئة تطوير الدرعية، ليصبح بعدئذ مركزاً ثقافياً وحضارياً للبلاد، وأهم مواقع التراث الوطني المدرجة على قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي.