مثلت الفترة بين تاريخي 22 /2 /1727م و23 /9 / 1932م، قصة لا تنسى، فالأول يوم تأسيس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى، والثاني إعلان توحيد المملكة باسم المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز، وبينهما ملحمة استرداد الرياض.

وحملت الفترة ما بين التاريخين علامات بارزة وجهت المملكة لطريق المجد والعلياء:

الدولة السعودية الأولى

أسسها الإمام محمد بن سعود، قبل 3 قرون، في فبراير 1727م وأنهت حينها حالة التشتت بالجزيرة العربية، وتصدت لكل محاولات القضاء عليها، لتغرس بيد قوية بذور الأمن والوحدة في المنطقة.

واختير يوم 22 فبراير للاحتفال بتأسيس تلك الدولة وبداية حكم الإمام محمد بن سعود للدرعية في النصف الثاني من عام 1139هـ، بناء على ما استنتجه المؤرخون، وحُدد تاريخ 30 /6 /1139هـ الموافق 22 /2 /1727م تاريخاً لبداية تأسيس الدولة السعودية.

الإمام محمد بن سعود

رغم تأسيس الدرعية على يد مانع المريدي في عام 850، وتسلسل هذه الأسرة على الحكم إلا أن هذه الفترة لم يكن فيها حد فاصل ومنعطف تاريخي إلا بعد أن تولى الإمام محمد بن سعود تلك المنطقة.

كانت المنطقة بحاجة للأمن، ولهذا عمل محمد بن سعود على قطع الطريق على المفسدين وأسس الرسالة التي قامت عليها الدولة السعودية وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وانطلق الإمام لضم المناطق المحيطة لإقامة الدولة، بجهود فكرية مقنعة ولم يبدأ المرحلة العسكرية إلا حينما تعرضت إحدى المناطق التابعة له للهجوم، وكان لا بد من الدفاع وإظهار القوة.

وعُرف عن الإمام محمد التدين والشهامة والوفاء، ما جعله النموذج الأمثل للقائد، الذي حكم لأربعين عاما متواصلة وخسر 2 من أبنائه في سبيل مشروع الوحدة، ما انعكس على زيادة الحرف والصناعات.

الدرعية

أسَّسها الإمام محمد بن سعود عام 1139هـ/ 1727م، لتشكل نقطةَ انطلاقٍ للدولة السعودية وتكون عاصمةً سياسيةً وثقافيةً واجتماعيةً، ومهدَ حضارةٍ إنسانية عظيمة قادها الأئمة الأوائل من أسرة آل سعود.

واحتضنت الدرعية قصصًا بطولية في التضحية والفداء والذود عن حمى الدولة كما تحولت في عهد الإمام محمد بن سعود إلى مركز حضري متميّز، بأحياء جديدة، حتى أصبحت من أعظم المراكز المالية في وسط الجزيرة العربية.

وعقب وفاة الإمام محمد بن سعود عام 1765م خلفه ابنه عبدالعزيز ثم ابنه سعود الذي توفي عام 1814م في الدرعية، وخلفه ابنه عبدالله واستمرّت الدرعية عاصمةً للدولة إلى أن اختار الإمام تركي بن عبد الله الرياض مقرًّا للحكم عام 1824م.

وتأسست الدرعية في منتصف القرن التاسع الهجري/ الـ15 الميلادي، عندما انتقل مانع المريدي بأسرته من شرقي الجزيرة العربية إلى وادي حنيفة بدعوة من ابن عمه ابن دِرع صاحب حَجْر والجزعة، فاستقرّ فيهما بأسرته وأنشأ الدرعية، كإمارة قوية.

الدولة السعودية الثانية

لم يمض سوى 7 سنوات على انتهاء الدولة السعودية الأولى في 1818 م، حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود من تأسيس الدولة السعودية الثانية عام 1824 م.

وسطر مؤسس تلك الدولة الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود ملحمة وطنية في تأسيس الدولة السعودية الثانية، بعد سقوط الدرعية، واستمرت حتى عام 1891م، حيث مثل نجاحه ذلك قصة ملهمة حتى الآن.

المملكة العربية السعودية

وأسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1902م الدولة السعودية الثالثة، ووحدها تحت اسم المملكة العربية السعودية، في 22 /5/1351هـ، الموافق 23 / 9/ 1932م لتستكمل الرحلة إلى المجد والعلياء.

استرداد الرياض وتوحيد المملكة

لم يكن قرار الملك عبدالعزيز باسترداد ملك أجداده وآبائه ثم توحيد الدولة لاحقاً سهلا ولا هيناً، لكن عزيمته وتوفيق الله سبحانه وتعالى، وعون رجاله المخلصين مكنه من استرداد الرياض بعد معركة ضارية.

وكان الملك عبدالعزيز قد توجه للبحرين بعد سقوط الدولة السعودية الثانية وخروج والده من الرياض، وسيطرة ابن رشيد عليها، كما ذهب الملك عبدالعزيز للكويت واستقبله أميرها الشيخ محمد الصباح كما توطدت علاقته مع الشيخ مبارك الصباح.

التوجه إلى الرياض

وخرج الملك عبدالعزيز من الكويت في 5 رمضان 1319هـ، بقوة صغيرة 40 رجلاً، ومعهم بنادق، ووصلوا في 4 شوال 1319هـ إلى "ضلع الشقيب" حتى تمكنوا من دخول الرياض بذكاء القائد المحنك بعد عملية بطولية حامية الوطيس لم تدم طويلًا.

وتمكن الملك بمعاونة رجاله المخلصين، من إعلان بداية العهد الزاهر في نجد بعد أن بايعه أهالي الرياض وأعيانها عام 1320هـ أميرًا على نجد وإمامًا لأهلها، وذلك عقب صلاة الجمعة في ساحة المسجد الكبير.

توحيد المملكة

وقضى الملك عبد العزيز في توحيد أرجاء المملكة 30 عاماً، من 1902م تأسيس الدولة السعودية الثالثة حتى 23 /9 / 1932م حين أصدر مرسوماً ملكيّاً، يقضي بتحويل "مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها" إلى المملكة العربيّة السعوديّة بحدودها الحالية.

وتم ذلك بعد حروب مع زعامات متفرّقة كانت تحكم الجزيرة العربيّة، حيث عرف الملك عبدالعزيز بالحكمة والذكاء والكرم والشجاعة، والعديد من الفضائل، التي استطاع بها أن يوحّد بلداناً وقبائل، وأن ينشر بينها الأمن والاستقرار، وحول أعداءه إلى أصدقاء وعاملين له.