باتت ذكرى يوم التأسيس مناسبة وطنية تحكي أمجاد ثلاثة قرون على تأسيس الدولة السعودية، وفي الـ 22 فبراير، يستذكر السعوديون المعاني الجوهرية لعمق دولتهم وامتدادها، والاعتزاز بالعمق التاريخي للبلاد بجانب أمجاد حاضرهم، وما حققته بلادهم من وحدة وأمن واستقرار.

وتحتفي الذكرى بالجذور التاريخية العميقة للدولة السعودية، وارتباط مواطنيها بقادة البلاد منذ عهد الإمام محمد بن سعود، أي قبل 300 عام، حينما أسس الدولة السعودية الأولى في فبراير من عام 1727م، فيما تعد فرصة يستحضر المواطنون معها بداية تأسيس بلادهم وما أرسته من وحدة وأمن في شتى مناحي الجزيرة العربية.

وفي حي الطريف التاريخي في الدرعية التي شهدت مولد الدولة السعودية الأولى، التقت "أخبار 24" الدكتور بدران الحنيحن، مدير إدارة الاعتماد الثقافي والتاريخي في هيئة تطوير بوابة الدرعية، ليحدثنا عن الذكرى الثانية ليوم تأسيس البلاد.

يقول: إن يوم التأسيس يعد تأكيداً للعمق السعودي منذ ما يقارب 300 عام من الوحدة والأمن والسلام الذي انطلق من قصر سلوى في الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى، فمن هذا القصر كانت تدار العملية السياسية من الخليج العربي إلى البحر الأحمر، ومن شمال الجزيرة العربية حتى جنوبها، وهذا ما يظهر قيمة عمق تاريخنا الذي أصبحنا نستذكره في تاريخ 22 فبراير من كل عام.

وعلى مقربة من قصر سلوى، مقر حكم الدولة السعودية الأولى، يتحدث الحنيحن قائلاً: إن هيئة تطوير الدرعية تتمتع بأصول تاريخية مرتبطة بذكرى يوم التأسيس مثل حي غصيبة التاريخي، وحي سمحان، والطريف.

ويلفت إلى أن أبرز الأمثلة والشواهد ذات العلاقة بتأسيس الدولة السعودية الأولى تتوافر في الدرعية دون شك، حسب وصفه. وفي السياق ذاته، أشار إلى أن الهيئة منذ تأسيسها أقامت المبادرات والفعاليات التي تعزز الإرث التاريخي المتعلق بالدولة السعودية الأولى، والدرعية خاصة.

وبعد أن وضع نقاط القطع والفصل على ذكرى يوم التأسيس، فسّر الحنيحن عناصر التشابه بين الدولة السعودية الأولى، والأوجه التي استطاع الملك عبد العزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة معالجتها لصالح المنطقة.

ولفت إلى أن هناك قصصًا ودروسًا مستفادة من تجربة الملك عبد العزيز في الحكم أبرزها: لغة الوحدة، فنحن نتحدث عن مئات السنين وشبه الجزيرة العربية منسية لا تحظى بأي وحدة سياسية منذ عهد الخلفاء الراشدين، غير أنه حينما جاءت الدولة السعودية الأولى من الدرعية وقصورها الطينية، جاءت معها هذه الوحدة التي جعلت الملك عبد العزيز ينطلق مجدداً في إطار مشروع توحيد المملكة.

كما أنه استفاد من تجربة الدولة السعودية الأولى في استثمار المقومات المتوافرة في شبه الجزيرة العربية، وليس هذا فحسب بل حتى يمكننا تسليط الضوء على تجربته في إدارته لشؤون الحرمين الشريفين وتوحيد الصلاة، إضافة إلى كسوة الكعبة.
ويختتم الحنيحن رؤيته التاريخية في هذا الإطار بأن من أعظم المشروعات التي استطاع الملك عبد العزيز إنشاءها هو توطينه للبادية الذي بدوره كفل تعزيز الأمن في البلاد، مشيراً إلى أن تلك النقاط كافة نحن بحاجة إلى استذكارها بشكل مثالي في ذكرى يوم التأسيس.

ولئن تحدث ضيفنا عن يوم التأسيس فإنه سيقود دفة حديثه إلى الدرعية، أحد أهم محاضن الثقافة والتراث والحضارة في البلاد، يروي الدكتور بدران باستفاضة عن نشاط الهيئة في سياق استكشاف الجوانب التاريخية المهمة في هذه البقعة الجغرافية من البلاد التي اختيرت من قِبل المنظمة العربية للتراث والثقافة والعلوم "الإلكسو" كـ "عاصمة" للثقافة العربية عام 2030، ويقول: مسؤولو الهيئة أطلقوا عدة مبادرات من أجل الاحتفاظ بالهُوِيَّة الثقافية والخصوصية التي تتمتع بها الدرعية، مثل مشروع التاريخ الشفوي للمرأة في الدرعية، وهو الأول من نوعه في المملكة، يهدف إلى توثيق رواياتهن عن الأحداث التاريخية، والتراثية، وغيرها من المشروعات التي تصب في الاتجاه ذاته.