لا يمكن أن يخرج الاتفاق الذي أعلنت عنه الدول الثلاث (المملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وجمهورية الصين الشعبية)؛ دون الوصول إلى مفاهمات، حول بعض المسببات، التي لطالما كانت محوراً للقطيعة السعودية الإيرانية.
وضمن أهم العوامل، ضرورة التلاقي عند أمن واستقرار الشرق الأوسط، والذي يُمثل أولوية بالنسبة لسياسة المملكة، بوصفه جزءًا حيوياً من أمن واستقرار العالم، لا سيما في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية الحالية، وهو ما يستدعي الحيطة والحذر، والعمل مع جميع الدول، لإزالة جميع مُسببات التوتر والاحتقان وتحقيق الاستقرار لهذه المنطقة الحيوية من العالم.
وذلك لن يتأتى، دون الإيمان بالحلول عبر الحوار؛ إذ تؤمن السياسة السعودية بأهمية الحوار، وكونه سبيلًا لحل الخلافات، وهو ما تثبته الأيام والأحداث، التي تُبرز أن يد المملكة كانت على الدوام ممدودة للجميع، على أساس من الاحترام المتبادل، والالتزام بحسن الجوار، واحترام السيادة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية أو التأثير عليها، وهذا ما جاءت في سياقه المباحثات مع الجانب الإيراني؛ التي تمخضت عن اتفاق يراعي هذه العوامل، ويحقق مطالب المملكة في احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وبطبيعة الحال، سيأتي استئناف المملكة وإيران للعلاقات الثنائية، في سياق تحقيق أمن واستقرار وازدهار المنطقة ككل؛ وهو الأمر الذي سيكون له انعكاسات إيجابية على شعوب ودول المنطقة.
وقد جاءت الوساطة الصينية بمبادرة من الرئيس شي جين بينغ، وقبلتها قيادة المملكة تقديراً للجانب الصيني الصديق، وذلك في أعقاب إعراب الجانب الإيراني استعداده للانخراط في مباحثات بناءة.
وينبثق الدور الصيني برعاية واستضافة المباحثات، من منطلق إدراك الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط، وممراتها البحرية الاستراتيجية للاقتصاد العالمي، والرغبة في الحفاظ على الأمن والاستقرار فيها؛ إثر تصاعد النشاطات المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وتجد الخطوة الصينية تقديراً من قبل المملكة؛ نظير جهدها الفاعل في رعاية واستضافة المباحثات لدعم مسار تصحيح العلاقات مع الجانب الإيراني، كما تثمن الرياض، الأدوار التي قامت بها جمهورية العراق، وسلطنة عمان، لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021-2022م.