وثقت الأيام تحولات فنية قصة أول فرقة سعودية وتحديدًا المنطقة الشرقية حيث بدأت الحكاية في عهد الملك عبدالعزيز عام 1952م، أُنشئت فرقة للجيش لتقوم بعزف الموسيقى الوطنية للملوك والرؤساء الذين يزورون المملكة وكان الفن الموسيقي محظورا خارج الأسوار العسكرية، بعد ذلك مارس هواة الفن الموسيقى والعزف خفية وخشية داخل غرف مغلقة وأماكن نائية بعيدًا عن أعين الرقباء. من هنا كانت نفحات ومواقف الملحن محمد السنان لموسيقيين أرادوا تحقيق أحلامهم. فهل تحقق لهم ما أرادوا؟
بين ليلة وضُحاها!
شهد عام 1962 بعد عودة الملك سعود بن عبدالعزيز من رحلة علاجه تحولا فنيا وطفرة تقدمية غير متوقعة للمملكة بعد إقامة حفل موسيقي في حديقة البلدية في الخبر، ولأول مرة في المملكة شارك فيها نخبة من الفنانين من أنحاء دول الخليج وفي نظام المملكة تعد نقلة تاريخية التي كانت تعتبر الموسيقى من الممنوعات.
التطورات المتسارعة أدت الى خروج هواة الموسيقى من مخابئهم السرية وممارسة الموسيقى في العلن التي أسهمت في الحراك الموسيقي والإبداعي بالتنسيق مع النادي الأهلي في الخبر الذي يعد نشاطا رياضيا وثقافيا واجتماعيا، لتبني فكرة فتح صفوف لتعليم الفن الموسيقي ومن ذلك أسندت هذه المهمة للمايسترو "توفيق جاد" بتتبع منهجية التعلم بالنوتة الموسيقية.
نقطة الصفر
حُقق نجاح باهر من قبل المايسترو توفيق جاد والملحن السعودي عبد الرحمن الرويعي في الصفوف التعليمية وتكوين فرقة موسيقية أُطلق عليها " أوركسترا الخبر" وبرز فنانون برعوا في فنون الغناء والآلات الموسيقية التقليدية مثل أعضاء الفرقة المغني علي التميمي، ويعقوب الخليوي عازف آلة العزف الغربية، وأحمد الشيخ عازف آلة القانون، وعبدالرحمن الرويعي عازف آلة البيانو، ومحمد السنان ومبارك العنبر عازفي الكمان.
وبين السنان لـ"أخبار 24"، بتواجد ثلاث طفلات سعوديات لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات يقمن بدور الكورال وأداء وصلات غنائية لأم كلثوم، مضيفًا أن مجتمع المنطقة الشرقية آنذاك لم يكن ضد هذه الظاهرة بل عكس ذلك متفتح لهذه الأفكار.
العام الذهبي
استبدل اسم "أوركسترا الخبر" الى "الفرقة الفضية"، حيث تولى تلفزيون شركة أرامكو آنذاك تسجيل عدة أعمال موسيقية وغنائية لديها ولعبت دورا كبيرا ومهما في الترويج وشهرة الفرقة، وبعد ذلك التحق أعضاء جدد من ضمنهم "حسن السنان" شقيق الملحن محمد السنان.
عانق التاريخ أول فرقة موسيقية أهلية يتم إنشاؤها على مستوى المملكة، حيث توالت على المسامع اسم "الفرقة الفضية" من خلال الحفلات التي تقام بتنظيم من شركة أرامكو وتسجيل حفلات شهرية حيث وضعت في صف الفرق المحترفة.
وأعرب الملحن محمد السنان لـ"اخبار24" عن حزنه في إهمال المحافظة على الإرث التاريخي الذي صُنع الفن من خلاله ألا وهو التسجيلات التي سلمت إلى محطة تلفزيون الدمام حيث تُركت لتتلف وتذهب لذكريات صانعيها وهنا تصبح الفرقة الفضية في صفحات محبي الفن انطوت مع النظام لكنها باقية في ذاكرة الملحن والموسيقار محمد السنان.
استمر توهج الفرقة إلى عام 1967 تحديدا شهر يونيو، لقب السنان هذا الشهر بـ"النكسة الموجعة" التي كانت من نتائجها تفكك أعضاء الفرقة، حيث أُتيحت الفرصة للبعض للابتعاث للخارج لمواصلة الدراسة الجامعية وابتعادهم عن أجواء الموسيقى، مَن يعيد أمل هؤلاء الذين لم تُوقفهم العقبات؟ بحزن تنتهي قصة نفحات ومواقف صاحبتنا في هذا السرد التاريخي الفني.