شهدت العاصمة الرياض خلال الأيام الفائتة انعقاد أهم تظاهرة موسيقية تتمثل في "مهرجان العود"، الذي نظمته الهيئة العامة للترفيه، بالتعاون مع هيئة الموسيقى، فيما ضمت التظاهرة الفنية اللافتة معرضاً لأشهر مصنعي العود وعازفيه، كما يضم نوادر هذه الآلة الضاربة في القدم، بجانب فقرات موسيقية، وحفلات غنائية، وجلسات حوارية عن أصول عزف آلة العود، على مدى ثلاثة أيام.
وعلى امتداد ساحة الموسيقى في بوليفارد سيتي، جذب معرض العود الحضور للتعرف عن كثب على أسرار صناعته، والتحدث مع صانعيه، فلا تكاد تخلو أجنحة المهرجان من الأحاديث الجانبية التي تتعلق بالعود، فيما عدّه عشاقه فرصة لخوض غمار رحلة فنية زاخرة باللحن.
وأتاح المعرض لزائريه تجربة استثنائية شهدت إقبالاً لافتاً من قبل الجنسين، إما للشراء، أو حتى للتوقف على مقربة لصيقة من الآلة، فضلاً عن النقاشات الفنية الخالصة حول الخشب المصنوع والأوتار التي تنتجها أيدي الصانعين.
فيما شارك عدد من كبّار صنّاع آلة العود في الوطن العربي في المعرض الذي ضم أجنحة متعددة مثل: أنغام العود - مركز العود – ريشة وتر – نهاوند – خالد عزوز، وفي هذا الصدد، واللافت هو الحضور العراقي بكثافة؛ إذ أكد عدد من صانعي الآلة الموسيقية الشهيرة العراقيين لـ"أخبار 24" أن المهرجان تظاهرة فنية لافتة بمعاييرها ومزاياها؛ إذ أتاحت الفرصة لكي نلتقي ببعضنا ونناقش مستقبل صناعة العود.
الموسيقى تعزز روح السلام
وفي السياق ذاته، يقول ياسر العوّاد إن صناعة العود بحد ذاتها تلّم الشعوب.. الموسيقى تربي الأجيال بعيداً عن التطرف والتحزّب والإرهاب"، بهذه الكلمات تحدث لنا العازف الموسيقي، الذي قَدم من العراق للمشاركة، مبدياً سعادته وسروره لما رآه، معتبراً أن المهرجان ساعده في لقاء زملاء المهنة، صانعي العود من مختلف البلدان، ولم يتخيل حينما قدم من بلاده من أجل المشاركة أن هذه التظاهرة ستحمل أوجهاً متعددة من التميز.
الشباب يتصدرون
من جهته، يلحظ محمد جابر صانع آلة عود عراقي، إقبال الشباب السعودي بشكل لافت على معرفة أسرار صناعة الآلة، والرغبة في تعلم عزف أوتارها؛ مدفوعين بالشغف، معتبراً أن هذا الأمر جزء من التنمية الثقافية والذهنية لمجتمع الشباب، ويبدي سعادته بالمهرجان الفني قائلاً إنه أمر يبشر بالخير لمستقبل صناعة آلة العود، فلم يكن في السابق لدينا في بلادنا تظاهرة تحشد الصنّاع كافة غير أن السعودية استطاعت فعلها وضمت معظم محبي الآلة على أراضيها، حسب وصفه.
الموسيقى سلام
وفي السياق ذاته؛ لا يبتعد كثيراً حيدر الكاظم عازف عود عراقي عن ما ذهب إليه زملاؤه الفنانون؛ إذ ابتهج صدره برؤيته للمشهد الفني في السعودية، ويقول إن مشاركتنا في المهرجان فرصة ثمينة، مبدياً إعجابه بالأنشطة التي ضمتها أركانه، مضيفاً بأن الموسيقى تجعلنا نبدي تسامحاً مع الانفتاح، وبلهجته العراقية اختتم حديثه بـ: "الموسيقى بحر.. يراد لها قلب طيب.. ناس تحب السلام.. الموسيقى سلام".
ويعدُّ مهرجان العود الذي اختتمت أعماله أحد أبرز التجمعات الموسيقية التي تسهم في إحياء التراث الموسيقي؛ إذ استعرض ضمن أيامه ألواناً عديدة من عزف العود، ومنح الفرصة للصنّاع بالالتقاء ببعضهم البعض، كما استقطب المتسابقين من العازفين لتجربة أدائهم في عدة فئات للمحترفين والهواة؛ للمنافسة في أجواء يؤدي فيها المشاركون أفضل تجاربهم في العزف.