القفز المظلي، بعيداً عن كونه ضمن أخطر الرياضات إن صح تسميته "رياضة"؛ فإنه من أهم الدورات العسكرية، التي يخوضها المنتسبون للجيوش والقوات المسلحة في كل بقاع الأرض، من أجل أن تمنحهم صفة "الشجاعة"، المُختصرة بشعار "وينج" يضعه العسكري على صدره.

وأن تأتي سيدة تحمل ضمن أمانيها، القفز من فوق "السحاب"، فذلك أقصى أنواع الجنون، المرهون بالمغامرة، وربما سحر السباحة في الهواء، بين السماء والأرض، وهذا ما يجهله الكثيرون.

وتشبيه ضيفة هذه السطور جائز من حيث الجنون والجرأة؛ بـ"فيلكس بومغارتنز"، الذي يعد أول شخص يكسر حاجز الصوت، في السقوط الحر، في شهر أكتوبر من عام 2018، لذا كان جائزاً تسميتها بـ"فيلكس" السعودية.

رزان العجمي، شابة سعودية، ذات هواية تُصيب الجسد بقشعريرة، لمجرد الإنصات لرغباتها، التي ما إن حققت بعضاً منها بالقفز من 15 ألف قدم، إلا واتسع الأمر لما هو أكبر من ذلك.

التقت "أخبار 24" رزان العجمي، وانتهى ذلك اللقاء إلى هذا الحديث:

- كم كان ارتفاع أول قفزة لك.. وما شعورك وأنت أمام باب الطائرة؟

أول قفزة كانت بارتفاع 12 ألف قدم. وأذكر أنني شعرت عند وقوفي أمام باب الطائرة بشعور غريب. لم أكن أشعر بالهواء الشديد. وهذا الإحساس كان للمرة الأولى أحس به. كنت متخوفة بعض الشيء، لكن الحماس كان يُرافقني. تلقيت قبل ذلك معلومات فقط حول عملية القفز، لكن التجربة تختلف مُطلقاً عن ذلك.

- كم عدد القفزات التي أجريتها حتى الآن؟

حتى الآن 300 قفزة. وهناك في مجال الطيران ما يسمى بـ"النفق الهوائي"؛ وهذا غالباً يكون أصعب من القفز، لأن مقاومة الهواء تشكل هاجسا لكل من يهوى القفز. الآن كل التركيز على هذا الجانب.

- القفز والسحاب.. ماذا يعنيان لك؟

أحب الطيران. والفكرة التي قادتني للاستمرار بالرياضة، هي قصة الطيران الكبيرة. بالفعل أنا أشعر بالحرية من خلال الطيران. أتجرد من كل القيود حين أمارس هذه الرياضة. هي شغف، وهي مُتنفس. شعور الطيران يصعب وصفه في سطور. لذا أعيشه في كل قفزة أمارسها.

- ماذا يعني لك السحاب؟

ابتسامتي تسبقني إذا ركبت الطائرة وهي على الأرض. لأنه يُخيل إليّ مباشرةً جميع المهارات التي أستطيع القيام بها وأنا بين السماء والأرض. أطير بشكلٍ أفقي. وأنزل بسرعة فائقة. هذا شعور عظيم. اكتسبته من المهارة والخبرة.

- أين تجدين طموحك؟

لا حدود لطموحي. في مخططاتي كثير من الأشياء. أفكر في بتأسيس الأكاديمية الأولى لهذه الرياضة بالمملكة حتى أستطيع نشرها. سأحصل يوماً ما على رخصة التدريب، وحينها، سأقوم بإنشاء أكاديمية لنشر هذه الرياضة. أملي كبير أن أكون تلك السيدة التي سينظر لها الجميع. أنا متفائلة كثيراً.

- خلال سفرك بالطائرة، وحين تقع عيناك على السحاب.. ما الشعور الذي ينتابك ما بين أن تكوني مسافرة في طائرة على مقعد، وما بين فكرة القفز من هذا الارتفاع؟

دائماً تراودني هذه الفكرة؛ لذلك أول شيء يُمكن التفكير فيه هو حرصي على حجز مقعد إلى جانب نافذة الطائرة. لأني بِتُ أعرف أين نحن؛ أقصد بأي ارتفاع. ومن ثم يراودني شعور أنني اعتدت على هذا المنظر.

- يبدو أنكِ تعشقين السحاب؟

أكيد طبعاً.. أجمل شيء القفز في السحاب؛ وبالذات حين تكون السماء مُلبدة بالغيوم. دخولي في عمق السحاب يعني لي الكثير. إنه لا يوصف.

- صفي لي ماذا تشعرين؟

أشعر بالحرية في الحياة. وهذا مبدأ من مبادئي. أشعر أنني حرة وأمارس ما تمكنت منه من مهارات. كان هناك سؤال يراودني على الدوام، وهو، كيف يُمكن للإنسان ممارسة الطيران بحرية؟ ومن ذلك التساؤل مُنحت فكرة لماذا لا أمارس هذا الأمر؟ الطيران يشبه السباحة. الفرق في التفاصيل فقط. حينما أقوم بالسباحة في الماء هذا أمر، وحين أقفز فذلك أمرٌ يشبه ذلك.

- ما الأدوات التي تحرصين على حملها من بداية ركوبك للطائرة؟

الباراشوت، واللبس. فهناك نظام يحمي المظلي. وبالطبع هناك أنواع مختلفة، تفترضها مهارة الشخص، حسب وزنه وبعض العوامل.

فالمظلة التي أحملها ليست واحدة فقط، إنما اثنتان، رئيسية، واحتياطية. وكل منهما لها نظامه الخاص من حيث الارتفاع وممارسة المهارات. نحن نراعي إجراءات السلامة إلى حدٍ عالٍ، ومقدار كبير. وفي مجمل القصة، إنها رياضة جميلة، وممتعة، ولا تقتصر على الرجال فقط، إنما هي للجميع.

- هل تتصورين تأثر بنات جنسك بفكرة القفز المظلي؟

أتمنى. جربي أنت.

- أنا أجرّب!

لم لا؟

- لا أعدك.

سنلتقي مُجدداً.. وعساكِ تُقدمين على ذلك.