يستحيل الحديث عن الأهمية التي توليها الدولة – المملكة العربية السعودية – للأماكن المقدسة، بمعزل عن التاريخ الذي أسس لهذا النهج، الذي لا يزال يمضي بخطى ثابته وواضحة، منذ أكثر من مائة عامٍ مضت.
وقد أولت المملكة، "بالتوارث"، منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن – طيب الله ثراه – وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ اهتماما منقطع النظير، وبلا حدود، بالحرمين الشريفين، وأصبحت مكة المكرمة، والمدينة المنورة، غرساً غرسته الدولة من حيث الاهتمام والأولوية، في نفس المسؤول والمواطن على حدٍ سواء.
والليلة بلغ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان المدينة المنورة، في إشارة تؤكد أهمية وعظمة هذه البقعة المقدسة في نفوس القيادة، التي لا تألوا جهداً أو تتأخر عما يخدمها، باعتبارها مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أشرف البشر.
والصلاة في المسجد النبوي، والروضة الشريفة، والسلام على النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وصاحبيه، نهجٌ انتهجه ولي العهد، لا سيما وأن هذه الزيارة الثالثة التي يقوم بها خلال فترة وجيزة، وفي ذلك رسالةً عالية القيمة والمعنى، يسعى من خلالها "من أحب الشعب وأحبوه"؛ لغرس هذا النهج، في نفس كل إنسان، سواء كان على أرض المملكة أو خارجها. هذا من جانب، والجانب الآخر، هي تأكيد على الرعاية الملكية الواسعة، التي يوليها ولي العهد بهذه البقعة الطاهرة، التي تعتبر من مكتنزات الأراضي السعودية الطاهرة.
ومن يعرف تحركات ولي العهد، سواء عن قرب أو من خلال وسائل الإعلام، يلامس كثيراً من اليقين، بأنه يقوم بهذه الزيارة، الأكثر من تفقديه، لملامسة أي احتياج، للحرم النبوي، الذي يتوافد عليه مئات آلاف المسلمين، خصوصاً في شهر رمضان الكريم من كل عام، لتأدية الصلوات، لا سيما التراويح والتهجد طلباً للمغفرة من الله عز وجل.
وفي جانبٍ موازي يؤكد الرعاية الملكية التي توليها الدولة للمدينة المنورة، تبني ولي العهد إطلاق مشروع "رؤى المدينة" العام 2022م، وذلك يأتي تأكيداً على اهتمامه بالارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لزوار المدينة المنورة، بوصفها وجهة إسلامية وثقافية، يتطلع لزيارتها ملايين المسلمين من حول العالم.
وفي ذات الجانب، يعطي إطلاق ولي العهد أكبر توسعة في تاريخ مسجد قباء، بواقع 10 أضعاف مساحته الحالية، ليستوعب نحو 66 ألف مُصلٍ، دليلاً على عظم العناية بالمدينة المنورة، وساكنيها وزوارها.
إن الاهتمام والرعاية الملكية التي توليها الدولة بالأماكن المقدسة، والحرمان الشريفان، والمساجد التاريخية، لم يكُن وليد صدفة، أو سعياً لمجاملة أحد، أو رغبةً في المباهاة وطلب لرؤية ذلك بعين الفخر، بقدر ما هي واجبٌ فرضته المنهجية السعودية، التي أسس لها موحد هذه البلاد، وحملها من بعده أبناءه ملوك هذه الدولة، وخضعت لمدرسة الأب والوالد الملك سلمان، وتخرج منها وليُ عهدٍ، يُمسي في مدينة، ويُصبحُ في أخرى.. كما هو فجر اليوم، حين حل على المدينة المنورة، ثاني أقدس بقاع الأرض، ومستقر رسول الأمة الكريم.