كشف دبلوماسيون الجمعة أن كوفي عنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، دعا مجلس الأمن الدولي الجمعة إلى توحيد موقفه وكسر الجمود لدعم جهوده لإنهاء العنف الذي دفع السوريين إلى حافة الحرب الأهلية.

وقال دبلوماسيون في مجلس الأمن، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، لوكالة رويترز للأنباء إن عنان تحدث إلى اجتماع مغلق للمجلس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، قائلا: "كلما زادت قوة رسالتكم في دعم جهود التفاوض بشأن وقف إطلاق النار، كانت فرصنا بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال أفضل."

ونقل دبلوماسي داخل المجلس عن عنان قوله للمجتمعين: "كلما كانت رسالتكم أقوى وأكثر وحدة، كلما كانت فرصتنا لتغيير محركات الصراع أفضل."

وأضاف الدبلوماسي أن عنان أبلغ أعضاء المجلس أيضا بأن رد دمشق على اقتراحه للسلام، والمكوَّن من ست نقاط، "مخيِّب للآمال حتى الآن."

لكن الدبلوماسي قال إن فريق عنان يواصل المحادثات مع الحكومة السورية من أجل الضغط للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وبدء حوار سياسي شامل بين الحكومة والمعارضة.

وقال الدبلوماسيون إن عنان قال أيضا في إفادته: "إن الضغط الموحَّد من قبل مجلس الأمن الدولي على سوريا نجح في السابق"، مشيرا إلى ضغط المجلس على دمشق لسحب قواتها من لبنان إثر مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005.

بعثة مراقبين

وفي مؤتمر صحفي عقده في جنيف في أعقاب تقديم إفادته إلى المجلس، كشف عنان أنه سيوفد فريقا إلى دمشق لمناقشة قضية إرسال بعثة مراقبين دوليين لتفقد الأوضاع على الأرض.

وقال عنان: "سوف أرسل فرقا خلال عطلة نهاية الأسبوع لمتابعة النقاشات بشأن المقترحات التي تركتها على الطاولة"، مشيرا إلى مبادرة السلام التي كان قد طرحها قبل أيام على الرئيس السوري بشار الأسد خلال اجتماعه به مرتين في دمشق الأسبوع الماضي.

وتضمنت خطة عنان وقفا فوريا لإطلاق النار من قبل الطرفين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها والبدء بحوار سياسي يشمل كافة الأطراف المعنية.

وأضاف عنان خلال مؤتمره الصحفي إنه ينبغي التعامل مع الوضع في سوريا "بحذر شديد للغاية" بغية تجنب تصعيد من شأنه زعزعة استقرار المنطقة برمتها.

وقال: "نعم نميل إلى التركيز على سوريا، لكن أي سوء في التقدير يؤدي إلى تصعيد كبير سيكون له تأثير في المنطقة، وسيكون من الصعب للغاية التعامل معه عندئذٍ."

وأردف قائلا إن محادثاته مستمرة مع الحكومة السورية بشأن وقف العنف في البلاد، وذلك بعد محادثاته مع الأسد والجناح غير المسلح في المعارضة السورية واجتماعه في وقت لاحق مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.

تأكيد سوري

من جانبه، قال بشار الجعفري، مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، إن فريقا فنيا من مكتب عنان سيصل إلى دمشق يوم الأحد المقبل.

وقال الجعفري: "انتظروا حتى يوم الأحد وستسمعون أنباء سارة، فهنالك عملية سياسية شاملة تجري."

كما أكَّد أحمد فوزي، المتحدث باسم عنان، أن الفريق سيناقش اقتراح نشر مراقبين دوليين في سوريا.

وقد تزامن الإعلان عن إرسال الوفد إلى دمشق مع ذكرى مرور عام واحد على اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الأسد.

يُشار إلى أن روسيا والصين استخدمتا حق النقض (الفيتو) ضد مشروعي قرارين لمجلس الأمن يدينان نظام الأسد بسبب قمعه الاحتجاجات ضد نظامه طوال العام الماضي، إذ تقول الأمم المتحدة إن حوالي 8000 شخص، ما بين مدني وعسكري، قضوا منذ اندلاع الانتفاضة الشعبيةلا في سوريا في 15 مارس/آذار الماضي.

وتعثرت المفاوضات حول مشروع قرار ثالث أعدته الولايات المتحدة هذه المرة وكان يدعو إلى وقف لإطلاق النار والسماح بدخول وكالات الإغاثة الإنسانية بسبب خلافات بشأن الطرف الذي يتعين عليه وقف القتال أولا، ومن الذي يتحمل مسؤولية الصراع.

"تأييد كامل"

بدوره، قال مارك ليال جرانت، المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة والذي يرأس دورة مجلس الأمن هذا الشهر: "لقد تعهد جميع أعضاء مجلس الأن بمنح عنان تأييدهم الكامل، واتفقوا على توجيه رسالة موحدة من المجلس ستساعد مهمته."

وأضاف أن المشاورات بشأن مشروع القرار مستمرة، ويشارك في المناقشات بشأن المشروع الأعضاء الخمسة الدائمون بالمجلس، بالإضافة إلى المغرب، العضو العربي الوحيد في المجلس.

إلاَّ أن ميخائيل بوجدانوف، مبعوث روسيا الخاص إلى منطقة الشرق الأوسط، قال الجمعة: "إن التصريحات التي تصدر من دول غربية وعربية بأن حكم الأسد غير شرعي هي تصريحات غير بناءة ولا تساعد على إحلال السلام في سوريا".

وقال بوجدانوف، وهو يشغل أيضا منصب نائب وزير خارجية بلاده: "إن الشعب السوري هو الذي يجب أن يقرر من يقود البلاد، ولذلك فإن رأي بعض شركائنا الأجانب لن يؤدي إلى حل على كل الأحوال."

ويقول الرئيس السوري إنه يتعين على المعارضة أن توقف القتال وتلقي سلاحها أولا قبل إجراء أي حوار معها، بينما تصر المعارضة على تنحى الأسد عن الحكم كشرط أساسي للتفاوض.

أمَّا الولايات المتحدة ودول الخليج العربية والدول الأوروبية، فتقول إنه يتعين على الأسد وجيشه الأقوى بكثير القيام بالخطوة الأولى، بينما ترى روسيا، الحليف القوي لدمشق، أنه يتعين على الجانبين وقف القتال بشكل متزامن.

وتريد روسيا كذلك أن يتحمل الجانبان مسؤولية متساوية عن الصراع، وهو موقف ترفضه أيضا الدول الغربية والعربية.

وقالت روسيا والصين مرارا إنهما تعتقدان أن الغرب ودول الخليج العربية تريد تغيير النظام في سوريا على غرار ما حدث في ليبيا، الأمر الذي تعارضه كل من موسكو وبكين.

"منطقة آمنة"

من ناحية أخرى، ألمح رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، الجمعة إلى إمكانية أن تقوم حكومته بإنشاء منطقة آمنة على طول الحدود السورية التركية.

وتقول تركيا إنها شهدت تدفقا متزايدا للاجئين السوريين إلى أراضيها في الأيام الأخيرة، إذ قال سلجوق أونال، المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية: "لقد قفز عدد اللاجئين السوريين المقيميين في تركيا بواقع 1000 لاجئ في يوم واحد، وارتفع العدد الاجمالي بذلك إلى 14,700 لاجئ."

ونصحت تركيا الجمعة مواطنيها في سوريا بمغادرة البلاد، محذرة من أن التطورات في الأراضي السورية أدت إلى ما وصفته بـ "مخاطر أمنية بالغة".

وقالت الخارجية التركية في بيان رسمي إن بعض الخدمات القنصلية المقدمة للأتراك في سورية سوف تتوقف يوم الثاني والعشرين من الشهر الحالي.