يسعى مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية، للمحافظة على تراث عمراني تجاوز عمره 900 عام، من خلال تجديد مسجد أبو عنبة الواقع في محافظة جدة، بمنطقة مكة المكرمة، والذي يرجح أنه بني قبل العام 544 هـ.
ويهدف المشروع إلى تعزيز الحضارة الإسلامية للمملكة وإعادة الحياة إلى مواقع كان لها أثراً تاريخياً واجتماعياً في تشكيل محيطها البشري والثقافي والفكري، واستعادة الدور الديني والثقافي والاجتماعي للمساجد التاريخية عبر المحافظة عليها.
وتشير الروايات إلى أن تسمية المسجد بهذا الاسم، ترجع إلى وجود عريشة عنب كانت تسقى من البئر الموجودة بموقعه، فيما لا يزال المسجد مفتوحًا وتُقام فيه الصلاة.
ويعمل مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية على ترميم مسجد أبو عنبة وفق الطراز المعماري للمنطقة الغربية، من خلال تطوير واجهات المسجد والرواشين والمشربيات التي تعبر عن النافذة أو الشرفة البارزة المصنوعة من أجود ألواح الخشب، وتستخدم في تغطية النوافذ والفتحات الخارجية، حيث تؤدي الرواشين والمشربيات وظائف بيئية مهمة كصد أشعة الشمس المباشرة والسماح بمرور الهواء لتبريد المسجد.
ويتميز البناء على الطراز المعماري للمنطقة الغربية بتحمل الظروف الطبيعية المحيطة على الساحل، فيما تشكل المساجد التاريخية فيه تحفاً معمارية تعكس ثقافة بناء متقنة تتكون من الطوب المنقبي والجبس والأخشاب التي تعد عنصراً بارزاً منذ أوائل القرن الرابع عشر الهجري، حيث تتسم المساجد ببساطة تصميم الواجهات، التي يطغى عليها العنصر الخشبي.
ويسعى مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية لتحقيق التوازن بين معايير البناء القديمة والحديثة بطريقة تمنح مكونات المساجد درجة مناسبة من الاستدامة، وتدمج تأثيرات التطوير بمجموعة من الخصائص التراثية والتاريخية، في حين يجري عملية تطويرها من قبل شركات سعودية متخصصة في المباني التراثية وذوات خبرة في مجالها، مع أهمية إشراك المهندسين السعوديين للتأكد من المحافظة على الهُوِيَّة العمرانية الأصيلة لكل مسجد منذ تأسيسه.
ويأتي مسجد أبو عنبة ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية التي شملت 30 مسجداً في جميع مناطق المملكة الـ 13 ، بواقع ستة مساجد لمنطقة الرياض، وخمسة مساجد في منطقة مكة المكرمة، وأربعة مساجد في منطقة المدينة المنورة، وثلاثة مساجد في منطقة عسير، ومسجدين في المنطقة الشرقية، ومثلهما في كل من الجوف وجازان، ومسجد واحد في كل من الحدود الشمالية؛ تبوك، والباحة، ونجران، وحائل، والقصيم.
وينطلق المشروع من أربعة أهداف إستراتيجية، تتلخص بتأهيل المساجد التاريخية للعبادة والصلاة، واستعادة الأصالة العمرانية للمساجد التاريخية، وإبراز البُعد الحضاري للمملكة العربية السعودية، وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد التاريخية، ويسهم في إبراز البُعد الثقافي والحضاري للمملكة الذي تركز عليه رؤية 2030 عَبْر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.