"لن نتخلى عن قيمنا النبيلة.. نفتخر بها ونتمنى من العالم أن يحترمها"؛ كانت هذه الكلمات ذات المضمون العميق، جزءاً من خطاب تاريخي لافت، لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أثناء قمة جدة للأمن والتنمية، التي عقدت العام الماضي، في وقت كان فيه يواجه العالم والمنطقة تحديات مصيرية كبرى، غير أن حديث القيم استحوذ على اهتمام الكثير، بفعل أهمية الاعتزاز بالمنظومة القيمية من قبل قائد عربي فذَّ، حسب ما يراه شعبه الذي راهن عليه كثيراً.

وفي خضم حالة فوضى المفاهيم، ومحاولات الغرب طمس القيم العربية، لم تكن كلمات ولي العهد التي تفوه بها محل اهتمام السعوديين فحسب، بل العالم العربي كافة، إذ حملت وعياً كبيراً بمسألة الأصالة، وقيم الانتماء والولاء، فضلاً عن أبعادها الثقافية الكبرى التي تأتي في إطار "الاعتزاز بالقيم العربية، ومطالبة الغرب احترامها".

وفي الذكرى السادسة لتولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، يمكن استذكار شجاعة القائد، التي بعث من خلالها ولي العهد في قمة جدة، رسالة تمثل درساً للعالم على ضرورة احترام الهوية العربية الإسلامية، والحرص على عدم المساس بمنظومة القيم والمبادئ والأخلاق العربية، ومكوناتنا الحضارية.

ودللت كلمته التاريخية، على الالتزام بتلك القيم وتشجيع الفخر بها بصفتها عماد المجتمعات، في الوقت الذي يحاول الفكر الغربي طمس تلك الهويّة، وعدم احترام الفوارق الثقافية.

وذلك الخطاب التاريخي، يعد واقعياً، إذ صوّر أن الاختلاف القيّمي طبيعي، ويجب أن يخلق حالة من التنوّع والتعايش، في ظل المنطومات الأخلاقية والقيمية، دون التأثير على التحالفات السياسية.

وقد كان توقيت الخطاب في نظر الكثير من المراقبين لافتاً وذكياً، ففي حين تحاول بعض الأصوات الغربية فرض قيم جديدة على المنطقة، وضعت كلمة ولي العهد نقاط القطع والفصل على هذه المسألة، وطالبتهم بالكف عن تسويق الأجندة الزائفة والأخلاقيات الواهيّة.

وحتى رؤية السعودية 2030 لم يغب عنها ترسيخ الهوية الوطنية السعودية، وغرس قيم الانتماء والولاء وقيم الوسطية والتسامح والاعتدال في نفوس مواطنيها، عبر أحد أهم البرامج الاستراتيجية، الداعمة لتعزيز الشخصية السعودية.