لطالما رفع "السديراوية" – والمقصود بهم أهالي محافظة سدير، التابعة لمنطقة الرياض وتقع شمالها، والمعروفة أيضاً بـ"الإقليم النجدي" في بعض التسميات التاريخية، أسهمها، من ناحية اهتمام وخبرة عديد من قاطنيها وأبنائها، برؤية الأهلة، خصوصاً هلال دخول شهر رمضان المبارك، وخروجه بإعلان يوم عيد الفطر.

ودوماً كانت سدير صاحبة الكلمة المؤثرة، أو ربما التي يتم الاتجاه لها بحثاً عن الحسم، في رؤية الأهلة الخاصة بالشهر الكريم، والتي في الغالب ما يتبعها عدد من الدول، لا سيما في منطقة الخليج، وبعض من العالم العربي.

ويشتهر بعضٌ من أهالي الإقليم بهذه الفراسة أو الخبرة، كالرآي عبد الله الخضيري، الذي أصرّ يوم أمس في تصريحاتٍ لـ"أخبار 24"، أن غداً الجمعة سيوافق أول أيام عيد الفطر المبارك، ضارباً بجميع الآراء المضادة عرض الحائط، وتحققت رؤيته بالفعل، من خلال ثبوت رؤية الهلال في سدير بعد مغرب يوم الخميس (اليوم).

وعلى رغم من تضارب الآراء واختلافها في مثل هذه المناسبات، تبرز "سدير" في عديد من التجارب، لتقول الكلمة الحاسمة، وهذا نتيجة امتلاكها مركزاً فلكياً، مُجهزاً بأحدث التجهيزات، التي يحتاجها علم الفلك ورؤية الأهلة، بداخل جامعة المجمعة.

ويختص المركز بإعداد التقارير الخاصة برصد الأهلة لكل شهر، وإعلان رؤية هلال شهر رمضان؛ بالإضافة إلى شهر شوال؛ ولم يكُن اختيار "حوطة سدير" (عشوائياً)، بل جاء بعد دراسة معمقة قام بها فريق علمي متخصص من أساتذة الفلك بجامعة الملك سعود قديماً، وقد أمضوا ما يقارب 6 أشهر، حتى أجمعوا على تحديد أحد المواقع "جنوب غرب مدينة حوطة سدير"، كأفضل موقع للترائي، ومتابعة حركة الأجرام السماوية والمجموعات النجمية.

وما يخدم هذا المركز، هو وقوع المدينة على أرض جبلية صخرية، ونادراً ما تثيرها الرياح، وتتميز بارتفاع يتراوح ما بين 780 إلى 930 مترا عن سطح البحر، وتبتعد بذات الوقت عن مناطق التلوث الصناعي والبيئي.

وتعتبر "سدير" الواقعة في وادٍ يزيد طوله عن 40 كيلومتراً، مدينةً تجارية، بحكم موقعها الإستراتيجي، المتوسط مدناً وقرى، ويعود تاريخ نشأتها إلى ما قبل 1076 للهجرة.

ويعرف عن سدير أنها منطقة تشتهر بالزراعة، نتيجة احتضانها عدداً من الأودية، أبرزها "وادي وراط، ووادي الفقي، ووادي أبا المياه، ووادي الحائر، ووادي جوي"، بالإضافة إلى وجود الآبار؛ أو ما يُسمى باللغة العامية "القلبان" – وهو جمع قليب ويُعنى به البئر -، التي يتم استعمالها في ري المزارع في هذا الإقليم، وجعل المنطقة غنية بالمياه.