بعد ليال طويلة من السهر المتواصل، خلال شهر رمضان المبارك، يبدو أن السعوديين ككل عام على موعد مع ما يُحبذون وصفه بـ"الغيبوبة الجماعية"، الضيف المنتظر الذي يختصر مشهد انعكاس عقارب ساعتهم "البيولوجية"، بعد أن فرض الشهر الكريم عليهم حالةً معيشية، أسهمت في انقلاب برنامجهم اليومي رأساً على عقب.

و"الغيبوبة" هي الضيف الذي لا مفر منه؛ يتم دخولها بشكلٍ جماعي كبير؛ وتبدأ منذ ساعات يوم العيد الأولى، وفي الأغلب من أعقاب صلاة الظهر، وتستمر حتى وقت متأخر من المساء، وهذا نظير كمية الإنهاك الذي تفرضه الزيارات العائلية خلال اليوم الأول، واستقبال الضيوف، من باب ممارسة العلاقات الاجتماعية منذ ساعات الصباح الباكر؛ ناهيك عن ضرورة الالتئام حول مائدة الإفطار، التي تعتبر فريدةً من نوعها، باعتبارها غابت على الأذهان لمدة شهر -أي منذ دخول شهر رمضان المبارك-.

وجرت العادة في كل عام أن يتصدر وسم "غيبوبة العيد" منصة "تويتر" على شبكة الإنترنت، في عادة دورية تُسلّط الضوء على حال السعوديين؛ خلال ذلك اليوم السعيد، فيما يفتح من جانبٍ آخر، باب التهكم، عبر بعض المقالب والصور التي يلتقطها الإخوة أو الأصدقاء، لآخرين غرقوا في سباتهم وهم يرتدون ملابس العيد، وللنساء وهن يرتدين حُلي العيد، من ذهب ومجوهرات وإكسسوارات.

وعن هذا الأمر، يُعلق علي البخيت لـ"أخبار 24"؛ ويجد أن للعيد طقوسه الخاصة الجميلة، التي تبدأ من فجر ذلك اليوم بصلاة العيد، ومن ثم تنطلق عملية تبادل الزيارات بين الأقارب والأحبة والأصدقاء، حتى يصل موعد الإفطار، الذي لا يجد كثير من الأشخاص بُداً من الخلود إلى النوم بعد تناوله.

ويبين البخيت أن الغيبوبة ليست بطول الساعات، إنما بفترة الإغماء التي تمتد لساعات قليلة لا تتجاوز الخمس ساعات، من الحادية عشرة وحتى الثالثة عصراً، وتبدأ من جديد مباركات العيد والزيارات.

وبدوره يقول محمد الشراري، إن ساعات الصباح الأولى في الغالب تكون نشطة، لكن "الغيبوبة" التي لا بُد منها، قادرة على إصابة الجميع بالخمول، وصولاً إلى النوم العميق، الذي يُشبه "السُبات"، بل إنه وصفها بـ"الغيبوبة التي لا تتكرر".

ويتفق محمد يوسف مع آراء السابقين، فيقول إن أهم الأسباب للدخول في الغيبوبة، اليوم الذي يسبقها -أي آخر يوم من شهر رمضان- فالجميع يكون بانتظار لحظة إعلان أن يوم الغد هو يوم العيد، لينطلق كلٌ في طريقه، من باحثين عن مستلزمات، وآخرين يتسابقون على صالونات الحلاقة، ومغاسل الملابس، وحتى النساء يجدن ضرورةً للذهاب للمشاغل النسائية، للخروج بمظهر جميل، لا يجد مفراً من أن تطاله "الغيبوبة"، بعد سويعات بسيطة من التحلي بأجمل المناظر وارتداء أجمل الحُلي والملابس، ويرى محمد يوسف أن الثلاثة الأيام الأولى من العيد، غالباً ما يأخذ الفرد فيها قليلاً من النوم، نتيجة زيادة فعاليات العيد ومناخاته وطقوسه الاجتماعية.

وحول هذا السياق، يقول استشاري الطب النفسي الدكتور أحمد الألمعي: "مع اقتراب انتهاء الشهر الكريم يكون هناك تغيرات في إعدادات النوم، ما يجعل الشخص ينام في ساعات غير منتظمة، تجعله يعاني من قلة طاقة الجسم واضطراب المزاج والتركيز".

ويتصور الألمعي أن تغير ساعات النوم من النهار لليل هو السبب الأساسي لما يسمى بـ "الغيبوبة الجماعية"، ولتلافي اضطرابات النوم والمضاعفات التي تنشأ لا بد من تحديد ساعات النوم، وتخصيص عادات تساعد على النوم بشكل جيد.

ويؤكد على ضرورة تجنب استخدام الجوال، خاصة أن الضوء المنبعث يؤثر على الساعة البيولوجية للجسم ويسبب الأرق.