أن تطأ قدماك غرفة مراقبة العمليات الفضائية فهو الاستثناء اللافت. هناك تدار اللحظات التاريخية المتمردة على النسيان لمعانقة البشر الفضاء، وهو بالفعل أمر تحقق لبعض الأشخاص الذين ربما لم يُفكروا يوماً أنهم سيكونون على موعد مع لحظة فارقة في عمر البلاد، ليشاهدوا فيها إرسال رائدي فضاء سعوديين إلى محطة الفضاء الدولية.

كان المشهد في المركز الموحد لبث حدث الإطلاق في هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، في الرياض، يوصف بالمدهش، على أقل تقدير بالنسبة للذين شاهدوا وراقبوا تلك اللحظة، سواءً من الصحافيين أو حتى التقنيين؛ فضلاً عن رجال الحراسة والأمن، والعاملين في "البوفيه"، الذين حالفهم الحظ لمشاهدة الانطلاق.

"الترقب والانتظار" تسيدا المشهد التاريخي داخل تلك الغرفة، التي توزعت في أرجائها أجهزة مختصة في مراقبة المؤشرات والمقاييس الخاصة بالعملية فضلاً عن الطقس. فبمجرد بدء الانطلاق، أحتشد عدد لافت بجانب تلك الغرفة، لمراقبة اللحظات الأولى لصعود الصاروخ، فيما تأهب الجميع استعداداً للحظة التاريخية.

وحالف الحظ طفلان حضرا مع والدهما الذي يعمل في ذلك المكان، لمشاهدة الانطلاق من مركز العمليات نفسه؛ حيث لمعت أعينهما حينما رأيا إقلاع الصاروخ، وابتهجت نفسيهما بعدئذ فرحاً.

في تلك الأثناء، كان غالب، مشرف الطباخين وهو من الجالية الباكستانية، يراقب رحلة رائدي الفضاء السعوديين، إذ لم يتصور يوماً أنه سيكون موعوداً بمشاهدة عملية فضائية عن كثب، غير أن مهنته وعمله في الهيئة ذاتها أسعفته. غالب تحدث لـ"أخبار24"، وقال عن تلك اللحظة: "إني للمرة الأولى في حياتي، أشاهد عملية إطلاق صاروخ إلى الفضاء بشكل واقعي، وبالتأكيد هذه فرصة تاريخية أن تتاح لي رؤية الإقلاع من داخل مركز العمليات، واكتشاف الفضاء".

أما منير الهاجري، مشرف الأمن والحراسة، فإنه بمجرد إقلاع الصاروخ إلى الفضاء، اتخذ مكانه في داخل ذلك المركز لكي يشاهد اللحظة التاريخية التي ساعدته حظوظه في العمل بجهاز حكومي يعنى بقطاع الاتصالات والتقنية، أن تجعله يرى بعينه عمليات الانطلاقة بشكل مختلف عن غيره من أفراد جيله، ويقول إني أشعر بفخر كبير حينما أشاهد هذه اللحظات.

وبتلك الرحلة العلمية، نسج علي القرني وريانة برناوي، رائدا الفضاء السعوديان، خيوط المستقبل لكي تتعانق في إبرة القمر، حينما انطلقا إلى محطة الفضاء الدولية، فهو حدث تاريخي، يعانق السعوديون معه الفضاء، ويعلن بدء تدشين حقبة فضائية جديدة في التاريخ العلمي والابتكاري للبلاد.