أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي، خلال خطبة عرفة لهذا العام بمسجد نمرة، أن الحج فيه إظهار للشعيرة وإخلاص في العبادة لله وليس مكانا للشعارات السياسية ولا التحزبات مما يوجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات مما يكفل أداء الحجاج لمناسكهم وشعائرهم بأمن وطمأنينة.

ودعا الحجاج وجموع المسلمين إلى تقوى الله عز وجل وصولا إلى العاقبة الحميدة والفوز في الدنيا والآخرة، كما حث حجاج بيت الله الحرام على اغتنام الفضل العظيم خلال وقوفهم بمشعر عرفات.

 جاء ذلك في خطبة عرفة التي تقدم المصلين فيها نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز ومفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ووزير الشؤون الإسلامية والدعوة الإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ ورئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس.

وقال خطيب عرفة إن من تقوى الله الواجبة أن يفرد العبد ربه بالعبادة فلا يصرف شيئًا من العبادة لغيره سبحانه، كما أن هذا هو دين الله وشريعته التي ارتضاها للخلق ورحمهم بها مما يجلب لهم الخيرات والمصالح ويدرأ عنهم السوء والمفاسد.

وتابع أنه من هذه المنطلقات الواضحة جاءت الشريعة المباركة بتحصيل المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد أو تقليلها، وقررت أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما جاءت بتحصيل أعلى المصالح ولو بتفويـت أدناهـا وبارتكاب أدنى المفسدتين لدرء أعلاهما، فعند التزاحم يتم اختيار أعلى المصلحتين واختيار أخف المفسدتين.

وأشار إلى أن الشريعة المباركة أكدت أن الضرر يزال بلا ضرر كما في الحديث: (لا ضرر ولا ضرار) فالضرر يدفع بقدر الإمكان، ومن هذا الباب جاءت الشريعة بكل ما تزدهر به الحياة، وتحصل به التنمية، ومنعت من الإضرار بالآخرين، أو إلحاق الأذى بهم، وأمرت بالعدل والأخلاق الفاضلة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وصدق الحديث، وحفظ الحقوق مع إيصالها لأهلها، وأداء الأمانات، والوفاء بالعقود والعهود والسمع والطاعة لأصحاب الولاية.

وأضاف أن الشارع الحكيم أكد وجوب المحافظة على الضروريات الخمس التي اتفقت الشرائع على العناية بها وهي حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض، واعتبر الشارع أن التعدي عليها جريمة تكون سببا للعقوبة ومن هنا كان الحفاظ على هذه الضروريات من أسباب دخول الجنان والرقي والحضارة في الدنيا وبفقدها تختل الحياة ويكون الإخلال بها سبيل للعقوبة في الآخرة، ومن هنا كان قول النبي في الحج إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا.

وأوضح خطيب عرفة أن المولى تبارك وتعالى حرم قتل النفس إلى بالحق، وقرر ضرورة حفظ المال، وحفظ العقل، وجاءت نصوص الكتاب والسنة بالنهي عن الخوض في أعراض الناس.

وشدد أنه على كل مسلم عدم تمكين العابثين من محاولة التأثير في مقاصد الشرع في المحافظة على هذه الضروريات وعلينا جميعا كل بحسب مسؤوليته وعمله مسؤولية تجاه ذلك وعلينا تربية النفوس على احترام هذه الضروريات الخمس، فالمحافظة عليها واجبة في كل مكان وزمان، وخاصة في هذا المقام الشريف وهو مقام الحج.

ودعا الحجاج إلى الدعاء لإخواننا في فلسطين الذين مسهم الضر وتألموا من أذى عدوهم سفكا للدماء وإفسادا في البلاد ومنعا لورود ما يحتاجون إليه من طعام ودواء وغذاء وكساء.

وأضاف أن من أولى من يدعى لهم من قدموا الجميل وأقدموا على فعل الإحسان ومن ذلك الذين يقومون بخدمة الحرمين الشريفين وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده.

ومنذ وقت مبكر توافد حجاج بيت الله الحرام إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات اليوم للاستماع إلى خطبة عرفة، وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، اقتداءً بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم .

ويُعد المسجد ثاني أكبر مسجد مساحةً بمنطقة مكة المكرمة بعد المسجد الحرام، وشهد في عهد الدولة السعودية وتحديداً في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - أضخم توسعاته، وبتكلفة بلغت 237 مليون ريال، على طولٍ بلغ 340 متراً من الشرق إلى الغرب، وعرضٍ يقدر بـ 240 متراً من الشمال إلى الجنوب.

وتتجاوز مساحة المسجد 110 آلاف متر مربع، إلى جانب ساحة مظللة خلف المسجد تقدَّر مساحتها بـ 8000 متر مربع، ليستوعب بعد هذه التوسعة نحو 400 ألف مصلّ، ويظهر بست مآذن، ارتفاع كل مئذنة منها 60 متراً، وله ثلاث قباب وعشرة مداخل رئيسية تحتوي على 64 باباً، ويضم غرفة للإذاعة الخارجية مجهزة لنقل الخطبة والصلاتين في يوم عرفة مباشرة بواسطة الأقمار الصناعية.

وبني المسجد في الموضع الذي خطب فيه الرسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، وذلك في أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري ، ويقع إلى الغرب من المشعر وجزء من غرب المسجد في وادي عرنة، وهو وادٍ من أودية مكة المكرمة، نهى النبي عليه الصلاة والسلام من الوقوف فيه، حيث قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "وقفت هاهنا وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة"، وبطن وادي عرنة ليس من عرفة ، ولكنه قريب منه.

وكانت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد أعلنت أنها أكملت استعداداتها لاستقبال حجاج بيت الله الحرام لهذا العام 1445هـ في يوم عرفة في مسجد نمرة بمشعر عرفات، وذلك من خلال تغطية المسجد بالسجاد الفاخر وتوفير الخدمات الإلكترونية وشاشات تفاعلية إرشادية والواي فاي، وذلك لتوفير كل سبل الراحة والطمأنينة لهم.

ونفذت الوزارة حزمة من المشاريع التطويرية لمسجد نمرة، ومنها معالجة أنظمة التكييف وتنقية الهواء التي تنتج هواءً نقياً بنسبة 100% مع طرد الهواء ميكانيكياً ليتم دخول الهواء النقي بمعدل مرتين في الساعة، للمحافظة على نسبة الأوكسجين وضمان بيئة صحية للحجاج داخل المسجد، وأيضاً تطوير وصيانة 1000 من دورات المياه للرجال والنساء وتخصيص دورات مياه لذوي الإعاقة وممرات ومسارات خاصة لهم.

وتم تزويد المسجد بكاميرات مراقبة وشاشات تفاعلية إرشادية تبث مواد توعوية تهم الحاج بلغات عالمية مختلفة وخدمة التوعية الشرعية التي تتيح التواصل المباشر عن طريق الاتصال المرئي بين السائل وفريق من الدعاة والعلماء بالوزارة؛ لتقديم خدمة الإرشاد بكل يسر وسهولة وبشكل ذكي وبعدة لغات.

وأنهت الوزارة هذا العام مشروع تهيئة وتلطيف الساحات الخلفية بمسجد نمرة بتكلفة بلغت 3 ملايين ريال، ويغطي المشروع 12 ألف م2 ويعمل باستخدام تكنولوجيا تبريد الهواء بالضباب وامتصاص الطاقة الحرارية من الهواء الخارجي وخفض درجة حرارته، ويتكون من 60 مروحة موزعة على 29 عموداً خرسانياً كما يساعد المشروع على خفض درجة الحرارة إلى أكثر من 9 درجات مئوية.

وتقدم الوزارة خدمة "الواي فاي" لحجاج بيت الله الحرام بالمسجد لتمكينهم من الاستفادة من منصاتها الرقمية حيث تتيح الخدمة لهم خلال تواجدهم بمسجد نمرة تصفح خدمات الوزارة الإلكترونية للحجاج وتحميلها على الأجهزة الذكية، وأيضاً تم توفير شاشات المكتبة الإسلامية الإلكترونية التي تحوي كتباً إلكترونية عن صفة الحج والعمرة وآداب الزيارة، لتحميلها على الأجهزة الذكية بلغات عالمية مختلفة يستطيع الزائر تحميلها عبر تقنية رمز الاستجابة السريع QRcode .

يُذكر أن الوزارة كلفت موظفين وإداريين ومهندسين ومراقبين ومراقبات ومشرفين ومشرفات ودعاة ومترجمين؛ لتقديم الخدمات المختلفة للحجاج، وكذلك للوقوف الميداني على الخدمات واستقبال الحجاج والتوعية الإسلامية والإرشاد لهم، والرد على الاستفسارات، ومتابعة أعمال شركة الصيانة والتشغيل وتنفيذ كافة الاستعدادات قبل قدوم الحجاج وأثناء وصولهم والرفع بتقارير فورية عن مستوى الخدمات خلال موسم الحج.

**carousel[9030757,9030755,9030756,9030758,9030759,9030760,9030761]**

**carousel[9030768,9030769,9030767]**