هنأ خطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالرحمن السديس، في خطبة عيد الأضحى اليوم (الأحد)، حجاج بيت الله الحرام، على تمام الوقوف بعرفات وأداء ركن الحج الأعظم، وبلوغ هذا اليوم الفضيل يوم الحج الأكبر، موصياً إياهم بتقوى الله عز وجل.
وأكد الشيخ السديس أن من أهم القيم التي حضّ عليها الإسلام؛ التجافي عن منهج التكفير والتفسيق والتبديع، والعناية بالعبادات وعلى رأسها الصلاة، وتعزيز منهج الوسطية والاعتدال، والحفاظ على الأمن والاستقرار، والوِئَام والسلام، والبُعد عن الحروب والخطوب، والنزاعات والكروب، وتجنيب المنطقة والعالم آثارها المدمرة.
وأضاف أن من عظيم وبديع القيم الإسلامية؛ الاعتصام بالوحدة الدِّينيَّة والوطنية، "فقد بعث الله الأنبياء كلهم بإقامةِ الدِّين، والأُلْفة والجماعة، وترك الفُرْقة والمخالفة، فالحذر الحذر من الجماعات الحزبية، والتنظيمات الإرهابية، والانحلال والإباحية... فلزوم الجماعة والإمامة ومحبة الأوطان فِطْرَة الديَّان".
وأشار في هذا الصدد إلى دَوْرُ وَسَائِلِ الإعلام، ومواقِعِ التواصُل الاجتماعي في تَعزِيزِ هذه اللُّحْمة المُتَمَاسِكة. والعِنَاية بالمُحْتَوَى الإعلامي القِيَمِي، واستثمار وَسَائل التواصل في خِدْمَةِ الدِّين، وجَمْع الكلمة وَوَحْدَة الصَّفْ، وتجديد الخِطَاب الدِّيني، ومكافحة ظاهرة الإسلام فوبيا، والرد على شُبُهاتِ أهل الإلحاد والزَّيغِ والضَّلال.
وأكد الشيخ السديس، أن النحر من أعظم ما يُتقرب به الحجاج وغيرهم لله سبحانه في هذا اليوم، فالحاج يتقرب لله بنحر الهدي، وغير الحاج من المسلمين يتقرب لله بذبح الأضحية، اقتداء بنبي الله إبراهيم ونبينا محمد عليهما السلام.
وأوضح الشيخ السديس أن وقت الأضحية يبدأ بصلاة عيد الأضحى وينتهي بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق.
وأشار إلى عدم جواز التضحية بالمعيبة عيوبًا بَيِّنَة من بهيمة الأنعام، مبيناً أنه يُعتبر في سِنِّ الهدي والأضحيةِ المعتبر شرعًا، وهو خمس سنوات في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة في المَعْز، ونصف سنة في الضأن، وتجزئ الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته.
وتابع أن من سنن الأضحية أن يتولى المضحي الذبح بنفسه، وألا يُعطى شيءٌ من الأضحية أجراً لمن ذبحها، وأن من السنن قسمة الأضحية ثلاثة أقسام، فللمضحي الثلث ويهدي الثلث ويتصدق بالثلث.
وزاد خطيب الحرم المكي مخاطباً الحجاج والمصلّين: "تَنْعمون في هذا اليوم السعيد المبارك في نفحات الابتهاج والسّرور، والألفة والحبور، والتزاور والاغتباط، والأُنْس والنَّشاط، وذلك فضل الله عليكم ورحمته، ولكن لا يَحْمِلُنا ذلك على تناسي مَآسي إخواننا المستضعفين، وأحِبَّتنا المكلومين، في فلسطين، وأكناف المسجد الأقصى؛ حَيْث يُعَانون الحِصَار والدَّمَار، والتشريد والتقتيل، والطغيان والتنكيل. ولا نشكو إلا لله أوصابنا، فَسُود النوائب لطالما أسفرت عن نَيْلِ الأماني والرغائب، والخطب الجَلَلْ بَرِيدٌ لأزكى الأمل بإذن الله عز وجل".
وشدد على دور الأسرة في تربية المجتمع على الفضيلة والعفاف، باعتبارها من القِيَم العظيمة التي جاء بها الشرع الحنيف، مضيفاً: "فيا أيَّتُها الأخوات الشَّرِيفات، والحَرَائر المَصُونات: تَمَسَّكن بالحجاب والاحتشام، الله الله في الحياء والعفاف، احذرن القنوات المشبوهة الخليعة، والمواقع التواصلية الوضيعة التي تُدَمْدِم وتُهَدِّم من الأُسرة أركانها، ومن الفضيلة شُمّ بُنْيانَها، واعْلَمْنَ أنَّ وعي المَرْأة الحَصَان الرَّزان، المُنْبَثِقة عن مِشكاة الشرع الحنيف، ومقاصِدِه الكُلِّية، وقواعِده المرعِيَّةِ العَلِيَّة هي التي تقُود مِن مَسِيرَة الفضيلة والزَّكاءِ مَرَاكِبَها، وتتَصَدَّرُ مِن الدَّعوة لِلطُّهر والنَّقَاء مَوَاكِبَها".
بدوره استحضر إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة، الشيخ الدكتور خالد المهنا، مشهد خطبة الوداع لسيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، مشيراً إلى سنته في هذا اليوم المبارك يوم الحج الأعظم، حيث كان أول منسك فعله أن رمى جمرة العقبة ضحىً بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم انصرف إلى المنحر، وكان عدة الهدي الذي ساقه معه 100 بدنة من الإبل خاصة، فباشر بيده الكريمة المباركة الطاهرة هذا النسك فنحر 63 بدنةً، ثم أعطى علياً فنحر ما بقي، وأشركه في هديه، ثم حلق رأسه الشريف، ثم ركب فأفاض إلى البيت العتيق فطاف به.
كما استذكر أبرز المعاني والقيم التي تضمنتها خطبته صلى الله وسلم في يوم النحر بين الجمرات، ومن بينها التأكيد على حرمة الدماء والأعراض والأموال، والتحذير من الاختلاف والفرقة والاقتتال، فقال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه).
**carousel[9037866,9037867,9037868]**