كشفت مصادر لـ''الاقتصادية'' أن الأمر السامي المتعلق بالأسمنت الذي صدر أمس الأول، تضمن أيضاً التوجيه بتشكيل لجنة برئاسة المجلس الاقتصادي الأعلى، وعضوية كل من: وزارة البترول، ''التجارة''، ''المالية''، صندوق التنمية الصناعية، و''الاقتصاد والتخطيط'' لوضع استراتيجية خاصة بصناعة الأسمنت في السعودية.

وأشارت المصادر إلى أن اللجنة ستنظر أيضاً في أربعة تراخيص أخرى لمصانع أسمنت في المملكة، إلى جانب وضع الحلول الجذرية للقطاع، وكميات الوقود التي سيتم تزويد المصانع بها.

إلى ذلك، أوضحت لـ''الاقتصادية'' وزارة التجارة والصناعة أن التوجيهات السامية التي صدرت بهدف توفير الأسمنت للمواطن والسوق المحلية بأسعار مناسبة من خلال تخصيص الوقود لتوسعات الشركات ذات الخطوط القائمة حديثاً والتي تبلغ طاقتها الإنتاجية الإضافية التي ستوفرها نحو 7.3 مليون طن سنوياً، ستكون بشكل مؤقت لمدة ستة أشهر لحين الانتهاء من الدراسة التي تجريها لجنة من جهات حكومية مختلفة لتقييم سوق الأسمنت ومدى تنافسية أسعار الأسمنت وأسواقه.

وأوضحت الوزارة أن اللجنة من خلال دراستها أيضاً ستنظر في مدى توفر السلعة للمواطنين بأسعار معقولة تعكس الإعانة التي تتلقاها هذه الصناعة، والتعرف على الاحتياجات الحقيقية من الأسمنت، والنظر في موضوع مدى الحاجة للتوسعات من عدمه بما يحافظ على استغلال متزن من موارد الدولة من الزيـت والغـاز والحجر الجيري, وإدخال منافسين جدد لهذا القطاع لتشجيع المنافسة وتوسيع قاعدة المستفيدين من المواطنين, ووضع الترتيبات والإجراءات اللازمة بشكل نهائي.

وأكدت الوزارة أن الإجراء المؤقت الذي سيكون على مدى ستة أشهر سيكون معه التزام شركات الأسمنت ذات التوسعات الجديدة التي ستزود بالوقود بزيادة إنتاجها من الأسمنت المكيس إلى الحد الأقصى من الطاقة التكيسية المركبة, وكذلك إلزام جميع شركات الأسمنت العاملة في السعودية ببيع كامل إنتاجها في السوق المحلية وبسعر بيع كيس الأسمنت بما لا يتجاوز 12 ريالاً تسليم المصنع و14 ريالاً للمستهلك في مباسط ومحال بيع الأسمنت وتحديد سعر الطن السائب بـ 240 ريالا.

وهنا، أكد لـ ''الاقتصادية'' الدكتور زامل المقرن مدير عام شركة أسمنت المنطقة الشرقية، ورئيس اللجنة الوطنية لشركات الأسمنت في مجلس الغرف السعودية، أن الشركة ابتداءً من اليوم ستبدأ في تنفيذ الأمر السامي المتعلق بالبيع بسعر 12 ريالاً للكيس من المصنع، مشيراً إلى التزام الشركة بما ورد في نص القرار.

ولفت رئيس اللجنة الوطنية لشركات الأسمنت في مجلس الغرف السعودية إلى أن معظم شركات القطاع ستباشر من اليوم الالتزام بالبيع بسعر 12 ريالاً لكيس الأسمنت من المصنع.

من جانبه، أوضح الأمير عبد الله بن مساعد بن عبد الرحمن آل سعود رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت المنطقة الجنوبية أن الشركة قد باشرت تنفيذ الأمر السامي فيما يتعلق بتحديد الأسعار.

وقدم رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت المنطقة الجنوبية شكره لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على توجيهاتهما السامية للجهات المختصة بتوفير الوقود لتشغيل التوسعات الجديدة في مصانع الأسمنت في المملكة، مشيراً إلى أن ذلك سيسهم في توفير كميات إضافية من الأسمنت في الأسواق التي تشهد نمواً مطرداً.

وكانت الشركة قد أعلنت الشهر الجاري عن التشغيل التجاري لخط الإنتاج الثاني في مصنع تهامة بطاقة تصميمية مقدارها خمسة آلاف طن كلنكر في اليوم.

وفي شأن متصل، أكدت مصادر في أوساط شركات الأسمنت السعودية أن السوق المحلية تفاعلت مع القرار الخاص بتحديد أسعار الأسمنت للمصنع والمستهلك، وزياد الطاقة الإنتاجية من خلال ضخ الوقود لخطوط إنتاج جديدة، مشيرين إلى أن العرض أخذ في التحسن خلال الفترة الحالية.

واعتبرت المصادر، أن الفترة المقبلة ستشد تحسناً أكبر في مستوى العرض في السوق المحلية، وأنها ستكون كافية لمقابلة الطلب الكبير، خصوصاً في منطقة مكة المكرمة، مضيفين ''بعد صدور هذه القرارات لن تكون هناك أزمة في 2012''.

وأضافت: ''بنهاية العام الجاري سيكون الإنتاج قد وصل إلى 52 مليون طن، وستكون كافية، بمعنى أنه سيكون هناك تقارب في العرض، والطلب''.

لكن المصادر، أبدت تخوفها من عودة الأزمة العام المقبل، بالنظر إلى توقع استمرار زيادة الطلب على السلعة، مطالبة بضرورة الاستعداد لذلك من خلال دخول مصانع جديدة على خط الإنتاج في السعودية لمقابلة ارتفاع الطلب.

وقالت المصادر: ''2013 ستكون هناك زيادة في الطلب على الأسمنت تبعاً للنهضة العمرانية والمشاريع الحكومية الكبيرة في السعودية، حيث ستكون الزيادة بنسبة 13 في المائة سنوياً، وبالتالي لا بد من منح تراخيص جديدة لمصانع أسمنت في المملكة لمقابلة الطلب، لكننا نشكك في تنفيذ ذلك''.

وشددت المصادر، على أن جميع مصانع الأسمنت في السعودية عملت بطاقتها الإنتاجية الكاملة في 2011، و2012، وأن الأزمة التي حدثت كانت في الأساس بسبب نقص الوقود الخاص بالمصانع وخطوط الإنتاج الجديدة، مضيفين: ''لو تم توفير الوقود في السابق لما حدثت أزمة أسمنت في السعودية، ولم يتم اللجوء لإجراءات جديدة''.

ولفتوا إلى أن : ''مصانع الأسمنت في الأعوام الماضية كانت تجري دراسات لوضع السوق، وتطور العرض والطلب، للوفاء باحتياجات المملكة من السلعة، والتنبه لحجم النمو، وبالفعل تنبهنا لذلك، لكن وقف إمداد خطوط الإنتاج الجديدة بالوقود كان العائق لخططنا ودراساتنا وأحدث المشكلة''.

وتابعوا: ''المشكلة الأساسية هي غياب الرؤية الاستراتيجية الموحدة في السعودية بالنسبة لصناعة الأسمنت، حيث إن كل جهة لها رؤيتها الخاصة وطلباتها التي قد تتعارض مع الجهة الأخرى المرتبطة بتلك الصناعة وهذه مشكلة، وبالتالي لا توجد جهة واحدة نتخاطب معها، والمفترض أن يكون المجلس الاقتصادي الأعلى هو المعني بتلك القضية من خلال وضع استراتيجية للصناعة على مدى الأعوام المقبلة لتلافي حدوث أزمات مقبلة''.

وقالت المصادر: ''المشكلة أساساً في توفر السلعة، وليس في الأسعار، والبعض في أوساط قطاع الأسمنت غير راض عن تحديد سقف الأسعار''.