شهدت الولايات المتحدة أسبوعا قل نظيره في التاريخ الأمريكي بعد نجاة مرشح للانتخابات الرئاسية من محاولة اغتيال وانسحاب آخر من السباق الرئاسي.
وكانت الحملة الانتخابية الأمريكية قد انطلقت بشكل ممل. وعلى مدى أشهر تابعها الأمريكيون دون حماسة تذكر، إلى أن جاءت اللحظة المفصلية التي غيرت المشهد، ففي خضم تجمع انتخابي في بنسيلفانيا وفي حين كان دونالد ترامب يلقي خطابا معتمرا قبعته الحمراء الشهيرة، سمع دوي رصاص، ثم وضع الرئيس السابق يده سريعا على أذنه وارتسمت على وجهه ملامح الألم. وتعالت صيحات الذعر بين المتواجدين، فيما انقض عليه عناصر جهاز الخدمة السرية لحمايته ونقله إلى مكان آمن.
ونجا الرئيس السابق من نيران شاب أمريكي عشريني بقيت دوافعه مجهولة بعد مقتله. فيما أصيب ترامب في الأذن، وأصيب الديموقراطيون بالخوف، فهل محاولة الاغتيال الفاشلة ستقضي نهائيا على فرص مرشحهم جو بايدن؟ هل سيتمكن من هزيمة المرشح الجمهوري في الخامس من نوفمبر؟
وكانت معنويات الديموقراطيين متدنية أساسا بعد أداء بايدن الكارثي خلال المناظرة التلفزيونية مع ترامب في 27 يونيو، حيث بدا الثمانيني بايدن فيها ضعيفا وتكلم بصوت أجش وواجه صعوبة في التعبير عن أفكاره بطريقة منطقية، وتصدرت قدراته الذهنية النقاش العام منذ ذلك الحين مع تناول وسائل الإعلام هذا الموضوع بانتظام.
وفي حين اختار ترامب نائبا له في 15 يوليو، ونال تفويضا رسميا من الجمهوريين خلال المؤتمر العام للحزب، كان بايدن يواجه تمردا متناميا في صفوف معسكره، وعلاوة على ذلك، أُعلن إصابة بايدن بكوفيد-19 في 17 يوليو ما اضطره إلى تعليق فاعليات حملته الانتخابية وعزل نفسه في مقر إقامته، وزاد ذلك من حالة عدم اليقين في صفوف حزبه.
وبدأت الدعوات لانسحاب بايدن من شخصيات ديموقراطية غير معروفة كثيرا، ثم توسعت إلى الدوائر الديموقراطية العليا مع تحرك الرئيس السابق باراك أوباما والرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي وقادة يساريين في الكونغرس، في الكواليس على ما أفادت وسائل الإعلام.
وكان بايدن يبدي مقاومة مؤكدا مرارا وتكرارا أنه سيبقى في السباق وسيهزم دونالد ترامب. لكن في أوساطه الشخصية وبحسب تسريبات مجهولة المصدر إلى وسائل الإعلام، كان يشعر بالمرارة وبخيبة أمل لأن حلفاءه تخلوا عنه في حين كان لا يزال يعتبر نفسه الأفضل للفوز.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم ذكرت وسائل إعلام أن عائلته تدرس خطط انسحاب محتمل.
وأتى الإعلان الذي كان يتوقعه البعض ويخشاه البعض الآخر، بعد ظهر الأحد من خلال رسالة عبر منصة إكس، وفيها أذعن الرئيس للضغوط وانسحب من السباق الرئاسي لما في ذلك من "مصلحة للحزب والبلاد" ما أغرق الحملة الانتخابية في المجهول.