أكد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف آل الشيخ أن ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي، وما فرضته تقنيات الذكاء الاصطناعي في التأثير بالفكر سلباً أو إيجاباً، واستثمار الكثير من جماعات الغلو والتطرف ودعاة الإلحاد والانحلال الأخلاقي والفتن لهذه المنابر والتقنيات، حتى أصبحت ميداناً للدعوة لمخالفة الثوابت والقيم؛ يتطلب موقفاً جاداً من العلماء والدعاة لحماية المجتمع من خطر وشر تلك الوسائل والتقنيات.
وشدد آل الشيخ في كلمته بافتتاح المؤتمر التاسع لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية اليوم (الأحد) بمنطقة مكة المكرمة، على ضرورة تعزيز قيم التعايش والتسامح وترسيخ الوسطية والاعتدال، وتصحيح فهم الخطاب الديني، وتعزيز المواطنة في دول العالم، وأثر ذلك في استقرار المجتمعات الإسلامية.
يناقش المؤتمر، الذي يرأسه وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، ويشارك فيه وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية بعدد من الدول الإسلامية، مواجهة مستجدات مكافحة التطرف والإرهاب وسُبل تحصين المنابر من خطابات الغلو والتشدد، وتعزيز قيم التعايش والتسامح وترسيخ الوسطية والاعتدال وتصحيح فهم الخطاب الديني، وتعزيز قيم المواطنة في دول العالم تحقيقاً لاستقرار المجتمعات.
وأضاف وزير الشؤون الإسلامية أن المملكة تقوم على الوسطية ومحاربة الغلو والتطرف، متابعاً: "إن لدينا من الثوابت والقيم الإسلامية ما يجعلنا نخوض المواجهة والتحديات بثبات وعزم، سلاحنا الإخلاص لله والعلم والحكمة مع الإفادة من كل الوسائل الممكنة"، ومؤكداً أن المملكة من أولى الدول التي عانت خطر الإرهاب وكانت لها تجربة في التصدي للإرهاب.
وشهد المؤتمر في جلسته الأولى بعنوان "مواجهة مستجدات التطرف والغلو والإرهاب وأهمية تحصين المنابر وخطاباتها"، تأكيد أهمية توحيد الجهود بين وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في دول العالم الإسلامي، وتنسيقها لتقويض مساحات العنف، والتطرف وسد منابعها.
وبدأت الجلسة، التي رأسها وزير الأوقاف اليمني الدكتور محمد بن عيضة شيبة، بورقة علمية قدمها وزير الأوقاف الصومالي الشيخ مختار بوعلي، أبرز فيها أحد عشر محوراً لتجفيف منابع التطرف والتشدد، منها الاستفادة من تجربة المملكة ونقلها لبقية الدول للاستفادة منها.
ودعت الجلسة إلى تكاتف جهود وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف في دول العالم الإسلامي، للخروج بإستراتيجية شاملة لمواجهة الغلو والتطرف والإرهاب، مع توحيد الجهود بين أبناء الأمة من الدعاة والأئمة لتوعية المجتمعات الإسلامية، لبيان الأفكار المنحرفة، والعمل على تجفيف الموارد المالية للفئات الضالة بالتنسيق مع المؤسسات المالية والبنوك.
وشدد "بوعلي" على أهمية مراقبة دور النشر والتوزيع والمطبوعات، في منع نشر ثقافة التكفير والإرهاب والتشدد، مع وضع آلية لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي المستخدمة للتضليل، وأهمية وضع مناهج تربوية نوعية تعتني بفكر الاعتدال والوسطية، مع تكريس مفهوم تعزيز الانتماء الوطني، وطاعة ولي الأمر وترسيخها في نفوس الشعوب، إضافة إلى التحاكم إلى الكتاب والسُّنة في الخلاف.
وفي الورقة العلمية الثانية، طالب وزير الأوقاف والشؤون الدينية في فلسطين الشيخ محمد مصطفى، بدراسة وتبادل تجارب الدول الإسلامية والاعتناء بمفاهيم الولاء والبراء بصورة تحقق الإقناع لأصحاب الفكر الضال، ومراقبة محاضن التربية والتعليم، خاصة التي يغلب عليها التعبئة بدلاً من التربية.
وأكد وزير الشؤون الدينية والعبادة في مالي محمد عمر كوني، أن الأمة بحاجة ملحّة إلى إشاعة فكر الاعتدال لحمايتها من الأفكار المنحرفة التي تنفّر من الدين، مطالباً بتتبع المناهج والأفكار والاتجاهات لمعالجتها، فيما أشار رئيس ديوان الوقف السني في العراق الدكتور مشعان بن محيي الخزرجي، إلى أهمية تعليم أبناء الأمة العلوم الإسلامية بالمناهج المعتدلة، مبيناً أن بروز الغلو والتطرف جاء نتيجة قصور في الفهم والوعي.
وفي الجلسة الثانية للمؤتمر، التي رأسها وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف في جيبوتي مؤمن حسن بري، تحت عنوان "القيم الإنسانية المشتركة، قيم التعايش والتسامح، وموضوع الكراهية ضد الإسلام والمسلمين"، أكد المشاركون أهمية نشر قيم التسامح والتعايش، ونبذ الكراهية والعنف.
وانطلقت الجلسة بورقة علمية طرحها رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة في دولة الإمارات العربية المتحدة ألقاها الدكتور عمر حبتور الدرعي، قدم فيها التجربة الإماراتية في ممارسة التسامح وتعزيز وسطية الخطاب الديني، ومنها اعتماد الدولة لوثيقة التسامح التي تتطلب اتفاق وتوقيع أئمة المساجد والمشتغلين بالدعوة، بهدف تحقيق الرقابة للتأكد من تطبيق بنود الوثيقة.
وحث رئيس الشؤون الدينية في تركيا الدكتور علي عبد الرحمن أرباش، على تطبيق القيم والتعاليم الدينية السمحة والأخلاق الفاضلة، مشيراً إلى حاجة العالم اليوم إلى إشاعة فكر التسامح من بوابة الأخلاق السمحة، ولافتاً إلى أن كثيراً من مخاطر الغلو والعنف التي اجتاحت المجتمعات في العالم كانت بسبب البُعد عن الأخذ بتعاليم الدين الإسلامي وأخلاقه وهَدْيه.
وفي السياق ذاته، قال رئيس الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية في ليبيا الشيخ محمد أحمد حميدة، إن الوسطية والتسامح مطلبان يتجددان في كل زمان ومكان، مؤكدًا أن المتاجرة بالكراهية هي وسيلة من وسائل إثارة العنف، التي أثقلت كاهل المسلمين في كثير من الدول، وأن التعايش والتسامح والكراهية متلازمة في وجودها، وكلما زاد التسامح نشأ الاستقرار.
وشدد نائب وزير الشؤون الدينية في إندونيسيا سيفول رحمات داسوكي، في ورقته العلمية على أن التسامح هدف يتطلب الأخذ به لتوسيع مساحات الأمن والاستقرار بين شعوب دول العالم الإسلامي.
وحملت الجلسة الثالثة عنوان "تجديد فهم الخطاب الديني ودوره في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال"، ورأسها وزير الأوقاف والإرشاد في السودان الدكتور أسامة حسن البطحاني، وأكد فيها أن وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في الدول الإسلامية، تضطلع بأدوار محورية في الدعوة إلى الله وتحصين الأمة الإسلامية من خطر الأفكار والعقائد الهدامة وتقوم بجهود مضيئة، للذود عن حياض الدين الحنيف والدفاع عنه.
وقدّم رئيس مجلس العلماء في جمهورية الكاميرون الشيخ محمد مال بكري ورقة علمية، أوضح فيها أن موضوع المؤتمر يأتي في ظل ظروف ومتغيرات، تتطلب المواكبة في المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية، مما يستدعي بذل الجهود من قبل الدعاة والأئمة، لتصحيح المفاهيم ومواجهة المخاطر.
وركز بكري على أهمية بيان الأسس التي تقوم عليها دعوات التجديد للخطاب الإسلامي، وربطه بالثوابت الشرعية، مع بيان أهمية ضابط التجديد على منهج السلف الصالح مع ضرورة استيفاء الأدوات اللازمة لتفسير النص الشرعي إضافة إلى بيان خصائص الإسلام ومنها العالمية والاعتدال والصلاح لكل الأزمنة والأمكنة.
وفي الجلسة الرابعة، التي جاءت تحت عنوان "خطورة الفتوى بدون علم أو تخصص وأثر انحرافها على منهج الوسطية والاعتدال مع بيان ضوابط الحديث في الشأن العام"، ورأسها مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان، الذي أعرب فيها عن أمله في أن يعزز المؤتمر مبادئ الوسطية، وأن تكون توصياته على مستوى التحديات التي تواجهها الأمة جراء دخول غير المؤهلين والمتاجرين المتكسبين بالفتوى.
**carousel[9413197,9413198,9413199,9413200]**