لم تعد يوميات الرياض كسابق عصرها، فقد أصبحت تكتظ بملايين السيارات التي تملأ الشوارع والطرقات، ما بين السيارات الخاصة والأجرة وحافلات النقل العام، وأضحى الازدحام المروري هاجساً يؤرق غالبية السكان.

ويستبشر أهل الرياض بقرب انطلاق المترو، الذي يعد أحد أكبر مشاريع النقل في العالم، ويرى مسؤولون أنه سيعالج مشكلة الاختناقات المرورية في العاصمة، التي أصبحت قبلة للكثير من الشركات والمؤسسات العالمية، الباحثة عن الفرص الاستثمارية الواعدة والنوعية بالمملكة.

في جولة "أخبار 24" في شارع السويلم وسط العاصمة السعودية، والذي يشهد أعمال ترميم لأنسنته وإعادة الحياة له بمواصفات وطرق أكثر عملية وانسيابية، يتردد اسم "أبو بيش" كأحد أوائل الذين قطنوا في هذا الشارع التاريخي. وهو لقب لرجل يدعى أحمد بن عبدالله الصائغ، من مواليد عام 1337هـ.

ويوضح محمد الحوطي، وهو باحث وموثّق تاريخي، أن الصائغ كان يملك سيارة من نوع "بوكس"، وهو مَن ابتكر على حد قوله نظام التوصيل كـ"أوبر" في الرياض قديماً، حيث ينقل الساكنين في أحياء الظهيرة وشارع العطايف وشارع السويلم لأعمالهم وللأسواق، ويتولى إعادتهم بعد فراغهم من أعمالهم.

ويروي الحوطي كيف كان الصائغ يتمتع بشهرة واسعة في الحي قبل ما يقارب الـ60 عاماً، نظراً لقيامه بهذه المهمة التي كانت تتطلب درجة عالية من الوعي والنزاهة والأمانة، وتلك المواصفات التي كان "أبو بيش" يتمتع بها.

ويقول أحد أبناء الصائغ إن والده كان يستخدم دفتراً لتدوين رحلات زبائنه وتنقلاتهم، متضمناً وقت مغادرتهم وعودتهم؛ ضماناً لعدم نسيانه لهم وحفاظاً على سلامتهم.

وتحمل دهاليز شوارع الرياض القديمة قصصاً من تاريخ نشأة العاصمة وتطورها المطرد، وكيف أصبحت بفضل الجهد المؤسسي الكبير ضمن قائمة المدن الذكية في العالم وأكثرها نمواً.