بعد ساعات من الغموض والتكهنات، أعلن حزب الله اللبناني اليوم (السبت)، رسميا، مقتل أمينه العام حسن نصر الله، في غارة إسرائيلية، وذلك عقب ساعات من حديث الجيش الإسرائيلي، عن مقتله، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف التساؤلات عن نصر الله المثير للجدل والانتقادات.
وُلد حسن نصر الله، في 31 أغسطس 1960 في بلدة البازورية بقضاء صور جنوب لبنان، وهو واحد من تسعة أبناء لأسرة متواضعة نزحت من بلدة البازورية في جنوب البلاد، تلقى العلوم الدينية لمدة ثلاث سنوات في حوزات النجف الأشرف قبل طرده في عام 1978.
بعد ذلك انخرط نصر الله في النشاط السياسي واكتسب خبرة في صفوف "أفواج المقاومة اللبنانية" (حركة أمل)، لكنه انفصل عنها مع العديد من زملائه عام 1982 وشارك في تأسيس حزب الله، إذ تولى مسؤوليات شملت تعبئة المقاومين وإنشاء الخلايا العسكرية. وتدرج في المهام وصولا إلى الأمانة العامة.
تولى نصر الله منصب الأمين العام لحزب الله في 16 فبراير 1992، بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي في هجوم إسرائيلي، وحاول في عهده تطويرقدرات الحزب العسكرية بدعم رئيسي من طهران التي تقول القوى الدولية إنها تمدّه بالمال والسلاح.
حاول نصر الله وأنصاره صناعة شعبية للرجل خلال حرب 2006 التي استمرت 33 يوما، وقتل فيها 1200 شخص في لبنان غالبيتهم من المدنيين، و160 في إسرائيل غالبيتهم من العسكريين، وسط انتقادات وغضب داخلي بعد تعرض الضاحية الجنوبية لدمار هائل، ومع اتهامه من شريحة واسعة من اللبنانيين بالارتهان لإيران، واستخدام السلاح في الداخل والتحكّم بالقرار السياسي اللبناني.
كما فشلت محاولات نصر الله وأنصاره صناعة "الشعبية" الوهمية بعدما وجهت محكمة دولية إلى حزب الله أصابع الاتهام باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري بتفجير ضخم في فبراير 2005 في بيروت، واتسعت شريحة المنتقدين بالداخل والخارج بعد انفجار مرفأ بيروت في 2020 وتقارير عن ضلوع الحزب في عرقلة التحقيق لمعرفة ظروف الحادث المدمر.
لم تشفع له أيضا خطبه الحماسية ومحاولاته إظهار العداء الكبير لإسرائيل لدى سياسيين لبنانيين رأوا أن مغامرات حزب الله الإقليمية بزعامة نصر الله، كبدت لبنان ثمنا باهظا، مما دفع دول الخليج العربية التي كانت صديقة للبنان ذات يوم إلى تجنب البلاد، وهو عامل ساهم في انهيارها المالي في عام 2019.
ومع اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، انخرط نصر الله وجماعته بتلك الأزمة وحاول توريط لبنان فيها، وسط انتقادات إقليمية ودولية، كما اتهم هو وجماعته بالتعامل مع تجار مخدرات لتهريب "الكبتاغون" إلى دول عربية، فيما ربطه البعض بمهرب المخدرات، مرعي الرمثان، الذي قُتل بغارة جوية أردنية جنوبي سوريا في مايو 2023.
ومع تصاعد الأزمة اليمنية، لم يرق لحسن نصر الله الدور المهم والبارز الذي تقوم به السعودية لمحاولة إنهاء تلك الأزمة ورأب الصدع في اليمن، فأخذ بالتحريض ضد المملكة وبث الخطاب الطائفي، ولم يكتفِ بهذا الحد بل حرض وساعد ميليشيا الحوثي المسلحة على استهداف منشآت مدنية سعودية، وسط انتقادات إقليمية ودولية وأممية.
وشمل دعم "نصر الله" لميليشيا الحوثي تقديم التدريب العسكري لهم بالأراضي اليمنية على أيدي خبراء من حزب الله، وهو أمر جرى توثيقه عندما أعلنت الحكومة اليمنية مراراً وتكراراً خلال الأعوام السابقة، العثور على تسجيلات فيديو ووثائق في مواقع عسكرية كانت تحت سيطرة الحوثيين تؤكد مشاركة حزب الله في القتال والتدريب.
وتعتبر إسرائيل نصر الله الصيد الثمين بالنسبة لها، بسبب الدور الذي يلعبه في قيادة "حزب الله"، وسبق أن حاولت في عدة مناسبات اغتياله خلال النزاعات المسلحة، لكن هذه المحاولات لم تنجح، فيما أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية نصر الله على "قائمة الإرهابيين الدوليين" عام 1995، وعرضت مكافأة مالية تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى تحديد مكانه أو اعتقاله.
ظل نصر الله الذي تمتع بهالة من الغموض بخصوص المكان الذي يتواجد فيه وكيفية وطريقة إلقاء خطبه، على رادار إسرائيل، حتى أعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق اليوم استهدافه له في ضربة جوية استهدفت القيادة المركزية للحزب بالضاحية الجنوبية لبيروت.