بحث وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريّف، خلال اجتماعات ثنائية مع وزراء في دولة كندا، تعزيز التعاون الصناعي والتعديني بين البلدين، وفرص تطوير الابتكار الصناعي، وبناء شراكة فاعلة لإنشاء مدن صناعية ذكية في المملكة بالاستفادة من الخبرة الكندية.

وأكد الخريّف خلال اجتماعه مع وزير الابتكار والعلوم والصناعة بكندا فرانسوا فيليب شمبانيا، بحضور الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للتنمية الصناعية المهندس صالح السلمي، حرص المملكة على الاستفادة من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي والروبوتات لتطوير القطاع الصناعي وخلق القيمة المضافة فيه، وتحسين كفاءة الإنتاج والتشغيل في المنشآت الصناعية، مشيرًا إلى برنامج مصانع المستقبل الذي أطلقته المملكة، ويستهدف أتمتة أربعة آلاف مصنع.

وناقش الاجتماع تعزيز التعاون في مجال الرقمنة الصناعية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين العمليات الصناعية، والفرص المتاحة للتعاون في بناء مدن صناعية ذكية بالمملكة، بالاستفادة من الخبرة الكندية وتقدّمها في مجال البنى التحتية الرقمية، كما بحث الطرفان دور الشراكة مع المؤسسات الأكاديمية في تطوير الابتكار الصناعي، إضافة إلى استعراض أهداف الإستراتيجية الوطنية للصناعة وقطاعاتها الفرعية، والإستراتيجية الشاملة للتعدين.

كما سلّط الاجتماع الضوء على التعاون بين المملكة وكندا في مجال الابتكار، ومن ذلك شراكة وزارة التعليم السعودية مع "ميتاكس" وهي منظمة بحثية كندية تموّلها وزارة الابتكار والعلوم والصناعة، حيث يركز هذا التعاون على توفير فرص بحثية مشتركة لطلاب الدراسات العليا والدكتوراه في كلا البلدين.

وبحث خلال اجتماعٍ مع وزير التنمية الدولية الكندي أحمد حسين، تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارة غير النفطية بين البلدين، حيث تعد المملكة العربية السعودية حاليًا أكبر شريك تجاري لكندا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تناول الاجتماع دور التنمية الصناعية عالميًا، في تطوير المجتمعات وزيادة رفاهيتها، وتحسين مستوى المعيشة للأفراد.

من جهة أخرى، التقى وزير الصناعة والثروة المعدنية، بالمدير التنفيذي للمجلس الوطني للموارد البشرية "MiHR" في كندا ريان مونبلييه، وبحث معه فرص الاستفادة من إستراتيجيات تطوير القوى العاملة في "MiHR"، وتنمية القدرات البشرية في قطاع التعدين، خاصة مع حرص المملكة على تطوير قدراتها البشرية بما يتواءم مع طموحاتها ومستهدفاتها من قطاع التعدين، الذي تركّز رؤية المملكة 2030 على أن يكون قطاعًا رئيسًا لتنويع الدخل في الاقتصاد الوطني، كما تناول اللقاء أهداف الإستراتيجية الشاملة للتعدين.

كما عقد وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريّف، سلسلة اجتماعات ثنائية مع كبرى الشركات الكندية، بحث خلالها فرص نقل المعرفة والابتكار في قطاعات واعدة تركز على تطويرها الإستراتيجية الوطنية للصناعة ومنها الأغذية والسيارات، وجذب الاستثمارات النوعية لقطاع التعدين السعودي، بحضور قيادات من منظومة الصناعة والثروة المعدنية.

وناقشت اجتماعات مع شركات التعدين الكندية، الفرص الاستثمارية في مجال استكشاف واستغلال ومعالجة المعادن في المملكة التي تمتلك ثروة معدنية تقدّر قيمتها بنحو 2.5 تريليون دولار، وتوطين أحدث تقنيات التعدين المسؤول والمستدام، كما استعرضت الاجتماعات مستهدفات الإستراتيجية الشاملة للتعدين، والبرنامج الوطني للمعادن.

وسلّط الخريّف الضوء على أبرز مقومات المناخ الاستثماري في المملكة، الذي يعد مصدر جذب للشركات التعدينية، خاصة مع توفّر بيئة تشريعية مستقرّة تطبّق فيها أعلى معايير الشفافية والحوكمة، مستندة على قوة نظام الاستثمار التعديني ولائحته التنفيذية، إلى جانب حزمة من الممكنات والحوافز تقدّمها المملكة للمستثمرين، تسهّل عليهم ممارسة الأعمال في قطاع التعدين.

وتضمنت شركات التعدين التي اجتمع بمسؤوليها معالي الوزير، شركة "Allied Gold Corporation" البارزة في عمليات استكشاف المعادن، وشركة "Hatch Ltd" المتخصصة في الاستشارات الفنية والخدمات التعدينية، إضافة إلى شركة "Agnico Eagle Mines"، الرائدة عالميًا في مجال التعدين وثالث أكبر منتج للذهب على مستوى العالم، وشركة "Kinross Gold" التعدينية، واجتماع مع إدارة الثروات في بنك مونتريال "BMO"، لمناقشة فرص جذب الشركات الكندية للاستثمار في قطاع التعدين السعودي.

وتأتي تلك اللقاءات مواكبة لخطوات طموحة تسعى بها المملكة لتطوير قطاع التعدين، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 منه، بأن يكون ركيزة ثالثة في الصناعة بعد النفط والبتروكيماويات، وتشكل الثروة الجيولوجية في المملكة العربية السعودية عاملًا جاذبًا للمستثمرين، خاصةً في قطاع المعادن، حيث تتيح المملكة بيانات جيولوجية يمتد عمرها إلى 80 عامًا، قابلة للوصول عبر منصة رقمية، لمساعدة المستثمرين على اتخاذ قرارات مستنيرة خلال رحلتهم الاستثمارية، كما أعادت المملكة في عام 2019 تنظيم نظام الاستثمار التعديني وتطويره من خلال المقارنة العالمية على نطاق واسع، وأدى هذا التحول إلى وضع المملكة على الخريطة العالمية، متماشيًا مع قادة العالم في مجال التعدين، وارتفع مستوى المملكة بشكل كبير فيما يتعلق بتخفيف مخاطر الاستثمارات التعدينية من عام 2018 إلى عام 2023 (خمس سنوات)، لتصبح واحدة من أفضل 10 دول بأقل مخاطر قانونية ومالية، وفقًا لتقرير مجلة التعدين العالمي الصادر عام 2023.

ووفر نظام الاستثمار التعديني الجديد في المملكة حوافز تنافسية عديدة في قطاع التعدين والمعادن، بما في ذلك التمويل المشترك بنسبة 75% للنفقات الرأسمالية، وإعفاء من الرسوم الضريبية لمدة خمس سنوات، وملكية أجنبية مباشرة بنسبة 100%، وفي أبريل 2024 أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن برنامج تمكين الاستكشاف (EEP) بتخصيص 182 مليون دولار لتقليل مخاطر الاستثمارات في الاستكشاف، وتسريع الاستكشاف الابتكاري، وتحقيق الأهداف الرئيسية في قطاع التعدين بالمملكة.

من جهة أخرى، التقى وزير الصناعة والثروة المعدنية، بماكس كوين الرئيس التنفيذي لشركة "McCain Foods Ltd"، الرائدة عالميًا في صناعة الأغذية المجمّدة، وبحث معه نقل وتوطين أحدث تقنيات تصنيع الأغذية، وفرص إنشاء مركز للأبحاث والتطوير في المملكة لتعزيز جودة الإنتاج المحلي، باعتبار القطاع من أهم 12 قطاعًا صناعيًا واعدًا تُركّز على تطويرها الاستراتيجية الوطنية للصناعة، لتعزيز أمنها الغذائي، في وقت حققت المملكة فيه إنجازات مهمة لدعم اكتفائها الذاتي من الأغذية، تضمنت الاكتفاء بمعدل 100% في منتجات الألبان، و52% من الأسماك، و68% من الدواجن، وذلك في ظل ما تمتلكه من قاعدة صناعية قوية تضم أكثر من 1500 مصنع للأغذية بحجم استثمارات يتجاوز 88 مليار ريال.

كما اشتملت لقاءات الخريّف مع قادة الشركات الكندية، على اجتماعٍ ثنائيٍ مع الرئيس التنفيذي للمبيعات والتسويق في شركة "Magna International" البارزة في قطاع تقنية السيارات، لبحث الفرص المشتركة لتوطين أحدث تقنيات السيارات، وحلول المركبات الكهربائية في المملكة، وتقنيات السلامة الذكية، وتحسين كفاءة الوقود، مع مباحثات حول بناء شراكة فاعلة مع الأكاديمية الوطنية للسيارات والمركبات في المملكة.

ويُعد قطاع صناعة السيارات من القطاعات الاستراتيجية التي تركّز المملكة على تطويرها، ونقل المعرفة والحلول الابتكارية والتقنيات المتقدمة إليها، وتصنّف السوق السعودية على أنها من أهم أسواق السيارات في المنطقة، حيث تمثل مبيعاتها في المملكة 40% من إجمالي المبيعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أُصدر العام الماضي ترخيص لأول علامة تجارية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية "سير"، وتم افتتاح أول مصنع في المملكة لصناعة المركبات الكهربائية "لوسد"، حيث تستهدف المملكة صناعة أكثر من 300 ألف سيارة سنويًا بحلول عام 2030.

وتأتي اجتماعات وزير الصناعة والثروة المعدنية مع كبرى شركات التعدين والتصنيع الكندية، في إطار زيارته الرسمية إلى دولة كندا، برفقة قادة من منظومة الصناعة والتعدين، بهدف تعزيز التعاون الصناعي والتعديني بين البلدين، واستكشاف الفرص المتبادلة في القطاعين، وجذب الاستثمارات الأجنبية للمملكة.