يمر المجتمع السعودي بالعديد من المتغيرات خصوصاً فيما يخص المرأة السعودية بدء من الابتعاث الخارجي لأغراض التعليم وصولاً إلى العمل مع الرجال، وأخيرا كانت مشاركتها في المجالس البلدية ومجلس الشورى آخر القرارات التي تصب في مصلحتها.

 إلا أن دراسة مجلس الشورى لإصدار قانون يصب في إطار التصدي لحالات التحرش بالنساء في مجال العمل يعتبر محفزا للسعوديات للانخراط أكثر في العمل بشركات القطاع الخاص التي كانت سببا رئيسيا في وضع مثل هذه القوانين للحد من ظاهرة التحرش الجنسي.

 وبرز ذلك خصوصا بعد مطالبة الكثير من السعوديات العاملات في القطاع الخاص بوضع قانون يحد من تحرش المدراء والمشرفين عليهن، باختلاف نوع التحرش أو المعاكسة، إذ أن طلب الزواج منهن هي المشكلة الرئيسية، ففي حال رفضها تتعرض الموظفة للضغط في العمل وتوجيه الإنذارات لها لتترك العمل من تلقاء نفسها بعد الضغوط غير مباشرة والمتتالية عليها.

 وبناء على ما تم تناقله، فمن المرجح أن تصدر تلك القوانين في وقت قريب، للحد من ظاهرة التحرش بالموظفات، وتبدأ العقوبة من خلال توجيه إنذار ومن ثم غرامة مالية وبعدها يأتي الحكم الشرعي وهو السجن والجلد، وهي العقوبة الدارجة لكل الحالات التحرش، إلا أن الإنذار والغرامة استحدثتا مؤخراً لتكونا بمثابة تحذير لأي شخص تجاوز حدود عمله مع موظفات أو عميلات أو غيرهن.

وسيتم إدراج هذه التفاصيل ضمن عقود العمل في الشركات والمؤسسات التي تعمل بها نساء سواء سعوديات أو غيرهن، وهذا القانون يأتي تدريجياً لقبول انتشار عمل المرأة في القطاع الخاص وعملها إلى جانب الرجل في حدود العمل ووفقاً للعادات والتقاليد إلا أنها ستعطى مساحة اكبر في المرحلة المقبلة وسيكون لها نصيب اكبر في قيادة شركات ومؤسسات مختلفة خصوصا بعد وصول المئات من خريجات برنامج العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، للابتعاث.

 وقالت مجموعة من الموظفات السعوديات اللواتي تحدثن إلى CNN بالعربية أن أنواع التحرش في الشركات تكون بطلب الزواج بشكل غير رسمي، سواء عبر المسيار أو المتعة لفترة، ـو للسفر مع المدير التنفيذي للشركة أو المؤسسة، أو أن يكون من خلال المعاكسة عبر الهاتف أو خلال الاجتماعات في الشركة.

 وتشكل الظاهرة الأخيرة النسبة الأكبر بين إجمالي الشكاوي، إلى جانب الظاهرة الثانية المتمثلة بطلب المدراء من بعض الموظفات "خصوصا الجميلات منهن" الخروج معهم في موعد عمل سواء كان في سفارة لدولة ما أو لتناول الطعام أو "للتباهي بهن" ومواعدتهن للسفر خارج السعودية، وهي ظاهرة تبرز في عدد من الشركات الكبيرة والبنوك.

 أما الظاهرة الثالثة، فهي تحرش بعض المسؤولين في الشركات بشكل مباشر بالموظفة أثناء العمل، وهي تمثل النسبة الأقل في السعودية.

 وتقف هذه الظواهر سداً حائلاً دون تمكن العديد من الموظفات من مواصلة العمل لأكثر من أشهر معدود أو سنة، خصوصا وان مثل هذه الأمور قد تسبب مشكلات كبيرة في المجتمع السعودي المحافظ والأسري الطابع، وقد تخشى بعض النساء من الإفصاح عن سبب تركهن للعمل خشية تفاقم المشكلة.

 ويقول الأخصائي الاجتماعي، نادر الحربي، لـCNN بالعربية، إن المجتمع السعودي "قابل على تطور حضاري وظيفي مختلف إذ كان عمل المرأة يقتصر لسنوات على مجال التعليم، لكنها بدأت الآن في الانخراط بشكل تدريجي للعمل في الشركات الكبيرة، ومن ثم جاء دور الشركات والمؤسسات المتوسطة والصغيرة."

 وأضاف الحربي أن تزايد عدد الموظفات السعوديات في الشركات "أدى لإصدار مجلس الشورى توصيته في إصدار قانون يضمن للموظفات حقوقهن الوظيفية في حال تعرضهن لأي موقف خصوصا وان بعض الشركات يوجد بها بعض من ضعاف النفوس الذين يحاولون استغلال المرأة بأي شكل من الأشكال والضغط عليها خصوصا بعد معرفة حاجتها للوظيفة."

 من جانبها، قالت لمياء أحمد، وهي موظفة، أنه في حال صدور هذا القانون "سيكون هناك رادع أمام كبار المدراء يحول دون استخدامهم لسلطتهم بأي شكل من الأشكال وعدم إجبار الموظفة على العمل فوق طاقتها، وسيكون إنذار لبعض الرجال ضعاف النفوس في استغلال بعض الموظفات اللاتي يبحثن عن لقمة عيشهن بكرامة."

 ولفتت أحمد إلى أن الكثير من الموظفات "مؤهلات وعلى درجة تعليمية عالية وبدأت العديد من الشركات في استقطاب العديد منهن إذ كان أولياء الأمور في السابق يرفضون توظيف بناتهن وزوجاتهن وأخواتهن في شركات القطاع الخاص خوفاً عليهن من التعرض لأي موقف."

 وكان للموظفة حنان الصالح وجهة نظر مماثلة، بقولها إن البعض كان يستغل المرأة السعودية ويقوم بتوظيفها وفقاً لمعايير الجمال للضغط عليها سواء للزواج أو غير ذلك، ورأت أن هذا الأمر منتشر في الدول العربية والغربية على حد سواء، مضيفة أن صدور مثل هذا القانون سيلزم أرباب العمل وسائر الموظفين على احترام المرأة السعودية أكثر.