أعادت جهود الحماية الفطرية توطين الحمار البري الآسيوي في المملكة، بعد غيابٍ امتد لأكثر من 100 عام عن موطنه الطبيعي.

وتمكنت محميّة الأمير محمد بن سلمان الملكية، من إنجاح المشروع الذي بدأ في إبريل 2024، من خلال استقبال المحميّة سبعة من الحمر البرية الآسيوية، تم نقلها من محمية الشومري الطبيعية التابعة للجمعية الملكية لحماية الطبيعة في الأردن، لتُؤسس بذلك أول مجموعة تعيش في البرية داخل المملكة منذ أكثر من 100 عام.

وتأقلمت الحمر البرية مع موائلها الجديدة في المحمية، حيث وُلد أول مهرٍ داخل المحمية، في حدث يُعد إنجازًا مهمًا في جهود استعادة الحياة الفطرية على مستوى المحمية والمملكة.

وكانت أرض المحمية موطنًا للحمار البري السوري المنقرض عالمياً، القريب وراثيًا للحمار البري الآسيوي"، حيث أدى دورًا محوريًا كمهندس للنظام البيئي واليوم يحل "الحمار البري الآسيوي" مكانه، مؤديًا دورًا محوريًا في برنامج المحمية الطموح لاستعادة البرية والبيئات البحرية، الذي يُعد من أكبر برامج المحميات في منطقة الشرق الأوسط.

ويمتاز الحمار البري الفارسي بصغر حجمه مقارنةً بأنواع الحمير البرية الأخرى، ويتميز بفراء رمليّ شاحب مائل إلى الأحمر مع شريط بني فاتح يمتد على ظهره وذيلٍ قصير. يُعرف بسرعته الفائقة التي تصل إلى 70 كم/ساعة.

وكانت هجراته الواسعة تنافس الهجرة الكبرى في سيرينجيتي بإفريقيا، ويعود أصل الحمار البري الفارسي إلى أكثر من 4 ملايين عام، مما يجعله أقدم من الخيل العربي والحمار الوحشي الإفريقي.

وأكد الرئيس التنفيذي لمحمية الأمير محمد بن سلمان الملكية، أندرو زالوميس، أن هذه هي المرة الأولى التي يُشاهد فيها "الحمار البري الآسيوي" طليقًا في المملكة منذ انقراضه أوائل القرن العشرين، مشيرًا إلى القيمة الكبيرة التي حظي بها هذا الكائن لدى الشعراء العرب قديمًا، لما يمتاز به من قوة وجموح ومراوغة.

من جانبها، أكدت رئيس مجلس إدارة الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، بتول العجلوني، أن الجمعية عملت على حماية "الحمار البري الآسيوي" منذ عام 1982م، مشيرة إلى أن المشروع المشترك بدأ في عام 2024 حين وقّعت المحمية اتفاقية تعاون مع الجمعية تهدف إلى حماية هذا النوع المهم، الذي كان يجوب الجزيرة العربية والصحراء السورية وبلاد الشام، إلى جانب تعزيز التعاون في حفظ النظم البيئية والموائل الطبيعية.

ويُصنّف الحمار الآسيوي ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، حيث تبقى أقل من 600 حمار بري في البرية عالميًا، مما يجعل إعادة توطينه خطوة نوعية لحمايته وإنجازًا كبيرًا يعكس التزام المملكة بالحفاظ على التنوع الأحيائي".

وتتسق إعادة توطين "الحمار البري الآسيوي" مع خطة المحمية المتكاملة للتطوير والتنمية، التي تدعم مبادرة السعودية الخضراء ورؤية المملكة 2030.

ومنذ عام 2022، نجحت المحمية في إعادة توطين 11 نوعًا، من بينها 60 مها عربياً، و14 وعلاً نوبياً، و125 غزال ريم، و22 غزال إدمي. بالإضافة إلى ذلك، أُعيد توطين ستة أنواع من الطيور، منها نسر جريفون والبومة النسارية الفرعونية.

وتحتضن المحمية 15 نظامًا بيئيًا مختلفًا، وتغطي 1% من المساحة البرية للمملكة و1.8% من مساحتها البحرية، وتُشكّل موطنًا لأكثر من 50% من الأنواع البيئية في المملكة، مما يجعلها واحدة من أغنى المناطق الطبيعية في الشرق الأوسط بالتنوع الحيوي.

وتخضع المحمية لإشراف مجلس المحميات الملكية برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وهي جزءٌ من برامج المملكة للاستدامة البيئية، مثل مبادرتَي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر.

**carousel[9435695,9435694,9435696]**